مصانع الأدوية المتعثرة في مصر.. أزمة صامتة تهدد الأمن الدوائي | ملف

رغم الطفرة التي يشهدها قطاع صناعة الدواء في مصر خلال السنوات الأخيرة، تقف في الظل أزمة لا تقل أهمية ، وهي أزمة مصانع الأدوية المتعثرة ، التي تمثل جرحًا مفتوحًا في جسد صناعة الدواء الوطني، عشرات المصانع ، بعضها حكومي والآخر خاص ، توقفت كليًا أو جزئيًا عن الإنتاج ، مما يشكل خطرًا مباشرًا على تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأدوية ، ويفتح بابًا واسعًا أمام الاستيراد وزيادة أسعار الدواء في السوق المحلي.
كما تواجه صناعة الأدوية في مصر تحديات جسيمة تهدد استدامتها ، حيث تشير التقارير إلى أن نحو 50% من مصانع الأدوية متعثرة، مع وجود 15 مصنعًا معروضًا للبيع نتيجة لتدني أسعار الأدوية.
تشير تقارير غير رسمية إلى أن عددًا من المصانع الدوائية المصرية، التي كانت تعمل بطاقات إنتاجية عالية، باتت تعمل الآن بأقل من 40% من طاقتها، بينما توقفت بعض خطوط الإنتاج تمامًا، ويعود ذلك إلى عدة أسباب متشابكة، تتراوح بين مشكلات تمويلية، وارتفاع تكلفة الخامات المستوردة، ومشكلات فنية وإدارية، بالإضافة إلى معوقات البيروقراطية والتراخيص.
وفي هذا السياق قال أحد أصحاب المصانع " رفض ذكر اسمه، أن المصانع تعاني من ارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الخام، خاصة أن نحو 90% من المواد الفعالة يتم استيرادها من الخارج، في ظل تقلبات سعر الصرف وارتفاع أسعار الشحن عالميًا.
وأن عدداً من المصانع المتوسطة والصغيرة لا يمتلك السيولة اللازمة لتحديث خطوط الإنتاج أو الوفاء بالتزامات التشغيل، وسط عزوف بعض البنوك عن تمويل القطاع بسبب اعتباره عالي المخاطر، وما زالت بعض المصانع تعمل بتقنيات قديمة لا تتماشى مع المعايير الدولية، مما يحد من فرصها في التصدير أو التوسع.
وتستغرق بعض الموافقات التنظيمية والتسجيل الدوائي فترات طويلة، تصل في بعض الحالات إلى أكثر من عام، ما يعرقل إدخال منتجات جديدة إلى السوق، وتؤكد عدة شركات أن آلية تسعير الأدوية لا تعكس التغيرات الحقيقية في تكاليف الإنتاج، مما يؤدي إلى بيع منتجات بأسعار أقل من كلفة إنتاجها في بعض الأحيان،ولحل أزمة المصنيعن يجب حل الأزمات التى تواجههم والتى تكمن في..
طالب عدد من المصنعين
إطلاق مبادرة حكومية لإعادة هيكلة المصانع
على غرار مبادرة المصانع المتعثرة التي أطلقتها الحكومة في قطاعات أخرى، يمكن تخصيص برنامج دعم وتمويل صناعي موجّه لمصانع الأدوية بالتحديد.
تسهيل استيراد الخامات وتوفير العملة الصعبة
من خلال وضع صناعة الدواء ضمن أولويات السياسة النقدية لتسهيل الاعتمادات المستندية وعمليات الاستيراد الأساسية.
مراجعة منظومة تسعير الدواء
إعادة النظر في تسعير الأدوية، خاصة الأدوية منخفضة الربحية، لضمان استدامة الإنتاج المحلي.
تشجيع التصنيع المشترك ونقل التكنولوجيا
الدخول في شراكات مع شركات دولية لتطوير خطوط الإنتاج وتدريب الكوادر وتوطين المواد الخام، والعمل على رقمنة وتبسيط آليات تسجيل الأدوية وخطوط الإنتاج، لتقليل الوقت والتكلفة.
في ظل التوترات العالمية التي تؤثر على سلاسل التوريد، وارتفاع أسعار الاستيراد، أصبح إنقاذ مصانع الأدوية المتعثرة ليس فقط مسألة اقتصادية، بل قضية أمن قومي صحي. فهذه المصانع يمكن أن تكون خط الدفاع الأول لمصر في أوقات الأزمات، كما حدث في جائحة كورونا.