عاجل

بدائل السكر .. مُحلي إريثريتول قد يعرض خلايا الدماغ لأضرار تُهدد الصحة

إريثريتول
إريثريتول

في الوقت الذي يزداد فيه الإقبال على المنتجات الغذائية "الخالية من السكر" و"الصديقة للكيتو"، تكشف دراسة حديثة عن مخاطر صحية محتملة ترتبط بأحد أشهر بدائل السكر الصناعية: إريثريتول، الدراسة، التي نُشرت في دورية Journal of Applied Physiology، تشير إلى أن هذا المُحلي منخفض السعرات قد يُسبب اضطرابات خطيرة في وظيفة الأوعية الدموية الدماغية، ما قد يزيد من احتمالات الإصابة بالسكتة الدماغية.

إريثريتول: بين الشعبية والمخاوف الصحية

يُعد إريثريتول من أشهر المحليات الصناعية المستخدمة في العقود الأخيرة، خصوصًا في المنتجات المُصنّفة على أنها "صحية" أو "خالية من السكر". ويعود سبب هذه الشعبية إلى كونه يحتوي على نسبة ضئيلة من السعرات الحرارية، كما لا يرفع مستويات السكر أو الإنسولين في الدم بشكل كبير، مما جعله خيارًا آمنًا – ظاهريًا – لمرضى السكري والسمنة.

ورغم أن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أجازت استخدامه منذ عام 2001، ووجوده طبيعيًا بكميات قليلة في بعض الفواكه والخضروات، فإن مستويات استخدامه في المنتجات التجارية تفوق كثيرًا ما قد يتعرض له الجسم طبيعيًا. بل إن دراسات سابقة، أبرزها دراسة ويتكوفسكي عام 2023، ربطت بين ارتفاع مستويات الإريثريتول في الدم وازدياد خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية على مدى 3 سنوات.

التفاصيل العلمية للدراسة الجديدة

قاد فريق البحث الجديد العالمة أوبورن بيري من جامعة كولورادو بولدر، بهدف التعمق في فهم الآلية التي قد يُحدث بها إريثريتول تأثيرات ضارة على الدماغ. ركزت الدراسة على خلايا بطانة الأوعية الدموية في الدماغ، وهي خلايا دقيقة تلعب دورًا بالغ الأهمية في تنظيم تدفق الدم، منع التجلط، وحماية الحاجز الدموي الدماغي.

التجربة المخبرية اعتمدت على تعريض هذه الخلايا إلى جرعة من الإريثريتول تعادل 6 ميليمولار (حوالي 30 غرامًا، وهو ما يوجد عادة في مشروب واحد مُحلّى)، وتمت مراقبة التغيرات الفسيولوجية خلال فترة 3 ساعات فقط، ما يبرز مدى التأثير السريع للمادة، وجاءت النتائج كالتالي:

زيادة الإجهاد التأكسدي بنسبة 75%

أظهرت الخلايا المعالجة ارتفاعًا حادًا في إنتاج الجذور الحرة، وهي جزيئات تسبب تلف الخلايا. ورغم محاولة الخلايا الدفاع عبر زيادة بروتينات مضادة للأكسدة مثل "الكاتالاز" و"ديسموتاز الفائق"، إلا أن هذه الاستجابة لم تكن كافية للتقليل من الضرر.

انخفاض إنتاج أكسيد النيتريك بنسبة 20%

أكسيد النيتريك عنصر أساسي لتوسيع الأوعية الدموية وتحسين تدفق الدم. إلا أن إريثريتول قلل من تفعيل الإنزيم المسؤول عن إنتاجه بنسبة 65%، كما زاد تثبيط هذا الإنزيم بنسبة 85%، ما أدى إلى ضعف قدرة الأوعية على التوسع.

 ارتفاع في مركب إندوثيلين-1 المضيّق للأوعية بنسبة 30%

لاحظ الباحثون زيادة إنتاج هذا المركب، المعروف بقدرته على تضييق الأوعية الدموية، ما يُضاعف من خطورة اضطراب تدفق الدم في الدماغ.

تثبيط إطلاق بروتين t-PA المضاد للتجلط

في ظروف طبيعية، يُفترض أن تُطلق الخلايا هذا البروتين استجابةً للثرومبين، للمساعدة في منع التجلطات. لكن الخلايا التي تعرضت للإريثريتول أظهرت فشلًا واضحًا في القيام بهذه الوظيفة.

النتائج والتوصيات

تُظهر هذه النتائج أن الإريثريتول لا يقتصر تأثيره على كونه مُحليًا منخفض السعرات، بل قد يُحدث سلسلة من الاضطرابات البيولوجية التي تؤثر على صحة الأوعية الدموية في الدماغ، ما قد يُمهّد الطريق للإصابة بالسكتة الدماغية، خصوصًا لدى الأشخاص المعرّضين أساسًا لعوامل خطر أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات التمثيل الغذائي.

وفي تعليقها على نتائج الدراسة، قالت الباحثة أوبورن بيري:"رغم أن إريثريتول يُستخدم على نطاق واسع في المنتجات المصنفة كـ 'صحية'، إلا أن هناك حاجة ملحة لإجراء مزيد من الأبحاث حول تأثيره الحقيقي على صحة الإنسان. وعلى الأفراد الانتباه إلى كميات استهلاكهم اليومية منه، خاصة إن كانوا يعانون من أمراض مزمنة أو تاريخ عائلي مع السكتات الدماغية".

تكشف هذه الدراسة عن جانب آخر من الجدل المتزايد حول بدائل السكر الصناعية. وبينما يبحث الكثيرون عن خيارات "أكثر صحة"، قد تكون بعض هذه البدائل سببًا خفيًا لمشكلات صحية خطيرة. ولحين صدور مزيد من الأبحاث، يُنصح بالاعتدال، والتوازن، وقراءة الملصقات الغذائية بعناية قبل شراء أي منتج يُوصف بأنه "صحي".

تم نسخ الرابط