تصعيد التصريحات بين حزب الله وإسرائيل.. استعداد لمواجهة جديدة أم حرب نفسية؟

مع استمرار تبادل التصريحات المتصاعدة بين حزب الله وإسرائيل، يتزايد الجدل حول ما إذا كان الحزب اللبناني يستعد لمواجهة عسكرية جديدة، أم أنه يعتمد على التهديدات كجزء من استراتيجية ضغط وحرب نفسية لمواجهة أزماته الداخلية، خاصة بعد الخسائر التي تكبدها مؤخرًا.
في هذا السياق، أثار تصريح نواف الموسوي، المسؤول عن ملف الموارد والحدود في حزب الله، جدلًا واسعًا، إذ أكد الموسوي خلال مقابلة مع قناة "الميادين" أن الحزب قادر على القتال "إذا تم تعويض النواقص ومعالجة الثغرات التقنية والاستخباراتية".
هذا التصريح يُعتبر اعترافا ضمنيا باختراقات إسرائيلية لحزب الله على المستويين البشري والتقني، مما يعكس التحديات الأمنية التي يواجهها الحزب.
في المقابل، أعلن رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن بلاده تستعد لما أسماه بـ"حرب النهضة على سبع جبهات"، مؤكدا أن العمليات العسكرية لن تتوقف إلا بعد تحقيق "أهداف النصر الكاملة"، ما يعكس توجها إسرائيليا نحو توسيع نطاق المواجهات، والذي بدوره سيزيد من حدة التوتر في المنطقة.
اختراقات أمنية وتحديات عسكرية
وبحسب باحثين سياسيين، فإن حزب الله يواجه تحديات أمنية كبيرة، دفعته إلى تجنب استخدام وسائل الاتصال الإلكترونية والاعتماد على الرسائل الورقية خشية التجسس، إذ استهدفت إسرائيل حوالي 70% من القدرات القتالية للحزب، مما يترك له 30% فقط من قوته العسكرية، بما في ذلك صواريخ دقيقة التوجيه، وفق تقديرات إسرائيلية.
وبناء على ذلك، يستبعد الباحثون أن يكون لحزب الله القدرة على خوض حرب أوسع نطاقا؛ إذ لم يستطع مجاراة جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال فترة ما قبل وقف إطلاق النار بينما كان لا يزال بكامل قواه وعتاده.
وفي أعقاب، عمليات استخباراتية إسرائيلية استهدفت عصب الجماعة اللبنانية، أطلق حزب الله تحقيقات مكثفة لكشف ملابسات الاختراقات الأمنية التي تعرض لها، معلّقا آماله على كشف العملاء ما يساعده في تجاوز هذه الأزمة.
سيناريوهات المواجهة القادمة
يرى متخصصون في الشأن العسكري، أن احتمالية اندلاع مواجهة عسكرية جديدة بين حزب الله وإسرائيل "مطروحة"، خاصة إذا استمرت إسرائيل في السيطرة على التلال المتنازع عليها ولم تحقق الجهود الدبلوماسية نتائج ملموسة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة.
وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الولايات المتحدة وافقت على بقاء قواته في 5 نقاط حدودية بلا مدى زمني محدد.
لكن المتخصصين في الشأن العسكري، يحذّرون من أن أي رد إسرائيلي على عمليات الحزب قد يؤدي إلى تصعيد غير محسوب العواقب، خاصة إذا طال القصف مناطق شمال نهر الليطاني.
حرب نفسية أم تهديدات حقيقية؟
يعتبر حزب الله أن قرار الأمم المتحدة رقم 1701 يقتصر على جنوب نهر الليطاني، بينما يرى أن سلاحه في الشمال غير مشمول بهذا القرار. وهو ما قد تستغله إسرائيل ذريعة لتنفيذ هجمات على لبنان، مستهدفة مخازن الأسلحة والبنية التحتية العسكرية، وهو ما حدث بالفعل في أكثر من مناسبة.
من ناحية أخرى، يرى مراقبون أن تصريحات حزب الله وإسرائيل الأخيرة هي جزء من حرب نفسية، مؤكدين على أن الحزب لن يفتح جبهة جديدة إلا في حالة الضرورة القصوى، كما اعتبروا أن تصريحات نتنياهو بشأن الحرب على "سبع جبهات" تهدف إلى تضخيم التهديدات الأمنية، خاصة مع التأثير المحدود لجبهات مثل غزة واليمن والعراق على إسرائيل.
تحديات مالية وأمنية
يواجه حزب الله ثلاثة تحديات رئيسية: التمويل، إعادة بناء ترسانته العسكرية، وسد الثغرات الأمنية، ويأتي كل ذلك نتيجة انهيار النظام السوري السابق والذي أثر على شبكة الإمداد التي يعتمد عليها الحزب، مما أدى إلى تعثر تدفق السلاح والمال.
في ظل هذه التحديات، تبقى احتمالية اندلاع مواجهة جديدة بين حزب الله وإسرائيل قائمة، لكن السيناريو النهائي يعتمد على تطورات المرحلة المقبلة والتفاعلات الإقليمية والدولية.