عاجل

هل يحق للزوج منع زوجته من زيارة والديها؟.. الإفتاء توضح

صلة الرحم
صلة الرحم

مع تزايد الأسئلة والاستفسارات داخل البيوت حول حدود طاعة الزوج، وحق الزوجة في زيارة والديها، يبرز تساؤل: هل يحق للزوج أن يمنع زوجته من صلة رحمها؟

وقد أكدت دار الإفتاء المصرية أن :صلة الرحم من الواجبات الشرعية المؤكدة، ولا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها أو أحدهما، حتى ولو مرة واحدة في الأسبوع، ويجوز لها الخروج لزيارتهما من غير مبيت، ولو دون إذنه، ما دام ذلك في حدود المعقول والمعتاد.
ولا يحق له أن يتذرع بوجوب الطاعة ليعزلها عن أهلها ومجتمعها، فذلك ينافي روح الشريعة ومقاصدها. بل إن من واجبه أن يحسن معاملتها ويُكرم عشرتها، كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خيركم خيركم لأهله» (رواه الترمذي)

صلة الرحم واجبة شرعًا.. وزيارة الوالدين حق لا يُمنع

أجمع العلماء على أن صلة الرحم من الواجبات المؤكدة في الشريعة الإسلامية، وقد دلَّت على ذلك نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ومنها قول الله تعالى:
﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى﴾ [البقرة: 83]،
وقوله صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: “يا رسول الله، من أحق الناس بحسن صحابتي؟” قال: «أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أمك»، قال: ثم من؟ قال: «ثم أبوك».

وفي ضوء ذلك، أكد فقهاء الحنفية أنه لا يجوز للزوج أن يمنع زوجته من زيارة والديها، بل لها أن تخرج لزيارتهما مرة في الأسبوع، ما دام لا يمكنهما القدوم إليها. هذا ما قرره الإمام عبد الله بن محمود بن مودود في كتاب “الاختيار لتعليل المختار”، وجاء تأكيده في كتب أخرى مثل “التنوير وشرحه”. وبيَّن الفقهاء أيضًا أنه لا يحق للزوج أن يمنع والديها من زيارتها، على الأقل مرة أسبوعيًا.

كما ذكر فقهاء الحنفية أن هذا الحكم يسري كذلك على الجد في حال غياب الأب، وعلى الجدة في حال عدم وجود الأم. ومع ذلك، فلا يجوز للزوجة المبيت خارج بيت الزوجية إلا بإذن الزوج.

ويُعمل بهذا القول الفقهي في القضاء الشرعي المصري، استنادًا إلى المادة (280) من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، والتي تنص على أنه “عند غياب النص يُعمل بأرجح الأقوال في مذهب الإمام أبي حنيفة”.

وهذا الرأي لا يتعارض مع قوامة الرجل على بيته، لأن القوامة ليست أداة تسلط أو تقييد، وإنما مسؤولية تُبنى على العدل والرحمة والتوازن، ولا يجوز أن تُستغل لمنع المرأة من أداء واجباتها الشرعية كبر الوالدين وصلة الأرحام. وكما لا يجوز للرجل أن يمنع زوجته من الصلاة أو الصيام أو أداء الزكاة والحج، فكذلك لا يصح منعه لها من التواصل مع أهلها وأداء حقوقهم.

والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «استوصوا بالنساء خيرًا» (رواه البخاري ومسلم)، وقال أيضًا: «خيركم خيركم لأهله» (رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح).

وخلاصة القول: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولا يجب على الزوجة أن تطيع زوجها إذا أمرها بقطع رحمها أو منعها من بر والديها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر؛ لأن الطاعة لا تكون إلا في المعروف، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

وعلى الجميع، من الأزواج والزوجات والأهل، أن يتقوا الله ويسعوا إلى الإصلاح والتفاهم، كما قال الله تعالى:
﴿إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا﴾ [النساء: 35]،
فإن الخير والبركة في البيوت لا يكونان إلا حين تُبنى على الحب والاحترام وصلة الأرحام

تم نسخ الرابط