باحث: ترامب بدأ حملة الترحيل من كاليفورنيا لأنها ملاذا آمنا للمهاجرين

أكد الدكتور فادي حلاني، الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشؤون الأمريكية، أنه في خطوة أثارت جدلاً دستورياً وسياسياً واسعاً، قام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر قوات “المارينز” والحرس الوطني في ولاية كاليفورنيا، مدعياً ضرورة حماية الممتلكات الفيدرالية ومواجهة الاحتجاجات المناهضة لسياسات الهجرة، هذه الخطوة قوبلت برفض شديد من حاكم الولاية، الذي وصفها بالانتهاك غير المسبوق لسيادة الولاية.
تفاصيل التصعيد العسكري
وتابع : ترامب استند إلى المادة العاشرة من الدستور التي تمنح الرئيس صلاحية فدرلة الحرس الوطني (أي تحويله لسلطة اتحادية) في حالتين فقط ،إذا وافقت حكومة الولاية على ذلك،و إذا عجزت الولاية عن السيطرة على الأوضاع الأمنية.
لكن حاكم كاليفورنيا "جافين نيوسوم"أكد أن الأوضاع تحت السيطرة، ورفع دعوى قضائية ضد الإدارة الفيدرالية، معتبراً أن نشر القوات يمثل تجاوزاً صارخاً للصلاحيات.
لماذا كاليفورنيا بالتحديد؟
أوضح الدكتور حلاني أن كاليفورنيا تُعد "ولاية ملاذ آمن" للمهاجرين، حيث ترفض تعاون أجهزتها الأمنية مع سلطات الهجرة الفيدرالية (ICE) ويرى ترامب أن نشر القوات يرسل رسالة واضحة بأنه قادر على تنفيذ سياسات الهجرة الصارمة حتى لو اضطر لاستخدام الجيش.
واشار: الي الفرق بين أدوار القوات، موضحًا ان الحرس الوطني يمكنه اعتقال المتظاهرين، لكنه عادةً يتبع لحكومة الولاية ، اما قوات المارينز مهامها تقتصر على حماية المنشآت الفيدرالية دون صلاحيات اعتقال، قوات الهجرة والجمارك (ICE) تقوم بترحيل المهاجرين غير الشرعيين، لكنها استهدفت مؤخراً حتى حاملي "الجرين كارد.
وحذر حاكم كاليفورنيا من أن قبول هذا الانتهاك قد يشكل سابقة لتدخلات مماثلة في ولايات أخرى بينما يرى مؤيدو ترامب أن هذه الخطوة ضرورية لردع الفوضى، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية وتصاعد حدة الانقسام السياسي.
واختتم الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشؤون الأمريكية ،حديثه ،هذه الأزمة تضع أمريكا أمام مفترق طرق بين دفاع ترامب عن "شرعية استخدام القوة" لتنفيذ السياسات وتحذيرات من تحول البلاد إلى دولة أمنية، و النتيجة قد تُحدد ليس فقط مصير سياسات الهجرة، ولكن أيضاً مستقبل النظام الفيدرالي الذي قامت عليه الولايات المتحدة.
في سياق سابق ،وصلت وحدات من الحرس الوطني إلى شوارع لوس أنجلوس، تزامنًا مع احتجاجات واسعة ضد حملات المداهمة التي تنفذها سلطات الهجرة الفيدرالية، وتأتي هذه التظاهرات على خلفية قرارات ترحيل جماعي واستهداف مجتمعات مهاجرة، وهو ما أثار غضبًا شعبيًا واسعًا في المدينة.
ورغم سلمية معظم المظاهرات، وصفت إدارة ترامب الوضع بأنه "فوضى متنامية"، مما دفع البيت الأبيض إلى إصدار أمر عاجل بنشر 2000 جندي من قوات الحرس الوطني في المدينة.
أمر رئاسي نادر يُشعل صدامًا دستورياً
ووصف البيت الأبيض، في بيان له، القرار بأنه "تحرك ضروري لاستعادة النظام في ظل تقاعس سلطات الولاية". ووقّع ترامب مذكرة رسمية يوم السبت، تخوّله إرسال القوات دون موافقة حاكم الولاية في خطوة اعتُبرت من أندر الإجراءات الفيدرالية منذ عقود.
وبحسب مراقبين قانونيين، تُعد هذه المرة الأولى منذ عام 1965 التي يُصدر فيها رئيس أمريكي قرارًا بنشر قوات حرس وطني دون تنسيق مع الحاكم المعني. المرة السابقة كانت عندما أرسل الرئيس ليندون جونسون القوات إلى ألاباما لحماية متظاهري حركة الحقوق المدنية من العنف العنصري.
نيوسوم يرد: "أعد السيطرة إلى كاليفورنيا"
ولم يتأخر حاكم كاليفورنيا في الرد، حيث وجّه رسالة رسمية إلى وزير الدفاع بيت هيغسيث، طالب فيها بإلغاء القرار فورًا، متهمًا الرئيس ترامب بـ"تأجيج التوترات الاجتماعية والسياسية وسحب الموارد من مواقع أكثر حاجة".
وشارك نيوسوم الرسالة عبر منصة "إكس"، وكتب: "لم تكن لدينا مشكلة حتى تدخل ترامب. هذا انتهاك خطير لسيادة الولاية. ألغِ الأمر. أعد السيطرة إلى كاليفورنيا."
وأكد نيوسوم أن استخدام القوة العسكرية لمعالجة قضايا داخلية حساسة مثل الهجرة يمثل سابقة خطيرة تهدد التوازن الدستوري بين السلطات الفيدرالية والولايات.
جدل سياسي وقانوني واسع
وقد أثار إجراء ترامب موجة من الجدل داخل الأوساط السياسية والإعلامية في الولايات المتحدة، حيث وصفه البعض بأنه "توظيف عسكري في معركة سياسية"، فيما حذّر آخرون من أن نشر الحرس الوطني قد يزيد من حدة التصعيد في الشارع بدلًا من تهدئته.
وفي الوقت نفسه، يرى أنصار القرار أن تدخل ترامب ضروري "لإنفاذ القانون" في ولاية تتهمها إدارة البيت الأبيض بـ"التساهل مع الهجرة غير الشرعية وتعطيل قرارات الترحيل".
ويأتي هذا الصدام في وقت حرج تشهده السياسة الأمريكية، وسط تصاعد الانقسامات بين الولايات ذات الأغلبية الديمقراطية والحكومة الفيدرالية الجمهورية، ويبدو أن المواجهة بين ترامب ونيوسوم قد تتحول إلى معركة قانونية في المحاكم الفيدرالية، في ظل تصعيد كلا الطرفين وتصلّب مواقفهما.