عاجل

على دولاب الفخار.. "إيمان" طفلة تُعيد الروح إلى حرفة الأجداد بالشرقية

ايمان
ايمان

في زاوية صغيرة من "الفاخورة" بقرية كفر الجاويش، تتحرّك أنامل ناعمة فوق قطعة من الطين الرطب. تجلس "إيمان منسي"، ذات التسعة أعوام، بثبات يفوق عمرها على "الدولاب"  أداة تشكيل الفخار  تُدوّرها بثقة، وتشكّل أواني من الطين كأنها ولدت في هذه الحرفة، لا عليها.

لا تحمل الطفلة بين يديها مجرد طين، بل تُمسك تراثًا من الأب إلى الجد، وتحلم بأن تمنحه روحًا جديدة تشبهها. تقول والدتها، "منى مختار"، لنيوز روم

"من أول ما مشيت، وإيمان بتلعب في الطين الفخار ما كانتش بتحب تلعب مع الأطفال، كانت تقعد جنب أبوها، تتفرج وتقلده، و في 4 شهور بس بقت تعرف كل مراحل شغل الفخار بإيدها".

 

ورغم حداثة سنها، تمارس إيمان صناعة الفخار بكل حِرفة. تُمسك الطين، تعجنه، تُدوّر الدولاب، وتشكّل القلل وأغطية الأواني، دون تردد أو رهبة. بل وتسبق حديث والدتها بلهجة تغمرها السعادة:

"بشتغل زي بابا... جدي علّمه، وهو علمني. أنا كمان اتعلمت أقعد على الدولاب وأشكّل وأعمل حاجات حلوة".

 

إيمان، التي لا تزال تلميذة في المرحلة الابتدائية، لا تُخفي أحلامها الكبيرة

"أنا شاطرة في المدرسة، وعايزة أبقى مهندسة وأكمل في الفخار. هعمل أشكال زي التحف الغالية، وهاشتغل في مصر وبرا مصر واتشهر، وأدخل مسابقات وأنا بعمل فنون".

 

داخل الفاخورة، تبدو إيمان كأنها طائر صغير لا يهدأ، تتنقّل بخفة بين حوض إعداد الطين والدولاب، تقف هنا، تجلس هناك، تُشكّل وتبتكر، بابتسامة لا تفارق ملامحها. كل حركة منها تقول: "أنا صانعة فخار بالفطرة".

 

ورغم أن شقيقها الأكبر فضّل الابتعاد عن المهنة، والعمل في مصنع، إلا أن إيمان اختارت أن تكون امتدادًا حيًا لحرفة أُهملت كثيرًا، ولكنها لا تزال تنبض في أطراف البنات الصغيرات حين يعشقن التراث.

 

تؤمن الطفلة أن الفخار ليس مجرد مهنة، بل فن راقٍ، قائلة بثقة تُشبه الكبار:

 

"الفخار ممكن يبقى غالي ويتباع زي التحف... وأنا هخلي شغلي يوصل بلاد تانية ويعيش".

إيمان منسي، ليست مجرد طفلة تمارس الفخار، بل قصة مُلهمة تسير على عجلة "الدولاب" لتُعيد تدوير الزمن، وتُثبت أن الحِرفة لا تموت ما دامت هناك قلوب صغيرة تُحبها، وأيادٍ ناعمة تعرف كيف تُشكلها.

 

 

 

تم نسخ الرابط