نشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس..
دونالد ترامب يعيد تشكيل أولويات الولايات المتحدة داخليًا وخارجيًا

في خطوة أثارت جدلًا واسعًا في الداخل الأمريكي، قرر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب نشر الحرس الوطني في مدينة لوس أنجلوس، ما أعاد إلى الواجهة جدلية العلاقة بين السلطة الفيدرالية والولايات المتحدة، بالتوازي مع إشارات قوية على تغيير جذري في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط، وفي مقدمتها إيران وروسيا.
هذا القرار، الذي وصفه مراقبون بأنه محاولة لإظهار الحزم وإبراز القوة، يأتي في وقت يشهد الداخل الأمريكي اضطرابات اجتماعية متزايدة، خاصة فيما يتعلق بقضايا الهجرة والاحتجاجات الشعبية.
إدارة ترامب تعيد ترتيب أولوياته
بحسب تقارير وتحليلات نقلتها قناة "القاهرة الإخبارية"، فإن إدارة ترامب تسعى إلى تقليص انخراطها في أزمات الشرق الأوسط، من خلال ما بات يُعرف بـ"المدرسة الموضوعية الجديدة"، والتي تركز على أهمية الجغرافيا الاقتصادية في صياغة السياسة الدولية، والتوجه الاستراتيجي نحو آسيا والمحيط الهادئ، في مواجهة التمدد الصيني.
وفي هذا السياق، أشار ماهر نقولا الفرزلي، مدير المركز الأوروبي الآسيوي للدراسات، إلى أن ما يجري بين الولايات المتحدة وإيران، بمشاركة روسيا في المشهد، ليس إلا تحركًا استراتيجيًا يهدف إلى طي صفحة الملف النووي الإيراني، وتسوية الوضع في أوكرانيا، تمهيدًا للتركيز على الصين كأولوية أمن قومي أمريكي.
الشرق الأوسط يتراجع
وأوضح الفرزلي أن الولايات المتحدة بدأت فعليًا في تقليص انخراطها في ملفات المنطقة، ومنها الأزمة الإيرانية، وسط قلق متصاعد لدى كل من إسرائيل والسعودية والإمارات، التي ترى في طهران تهديدًا مباشرًا، لا سيما مع استمرار تخصيب اليورانيوم تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وأكد أن واشنطن تحاول التوازن بين طهران وتل أبيب، عبر السماح بنشاط نووي مدني إيراني تحت رقابة صارمة، مشيرًا إلى أن تقرير الوكالة الأخير حمل لهجة حادة تؤكد استمرار الأنشطة النووية الإيرانية، ما يثير مخاوف إقليمية مشروعة.
الحرس الوطني يثير جدلًا
على المستوى الداخلي، وصف المحلل السياسي د. فادي، قرار نشر الحرس الوطني في لوس أنجلوس بأنه خطوة مثيرة للجدل سياسيًا ودستوريًا، مشيرًا إلى أن القرار يفتقر إلى طلب رسمي من السلطات المحلية، وهو ما يضعه في موضع تساؤل قانوني وفقًا للمادة العاشرة من الدستور الأمريكي.
وأوضح أن الحرس الوطني عادة ما يكون تحت سلطة حكام الولايات، ولا يتم استدعاؤه فيدراليًا إلا عند عجز واضح في السيطرة على الأمن، وهو ما لم تُقر به سلطات لوس أنجلوس، التي أكدت قدرتها على إدارة الموقف، محذّرة من أن نشر هذه القوات قد يؤدي إلى تصعيد واحتكاك ميداني.
رسائل سياسية داخلية
أضاف فادي أن قرار ترامب يحمل دلالات سياسية قوية، أبرزها تشديد موقفه من ملف الهجرة غير الشرعية، وتنفيذ وعوده السابقة بطرد المهاجرين المخالفين، حيث بدأت حملات أمنية تستهدف مؤسسات كبرى مثل سلسلة "هوم ديبو"، واستهدفت في مراحل سابقة الكنائس والمدارس.
وأشار إلى أن القرار يمثل رسالة موجهة أيضًا إلى سلطات ولاية كاليفورنيا ذات التوجه الديمقراطي، والتي ترفض التعاون مع السياسات الفيدرالية للرئيس، خاصة مع أجهزة الهجرة والجمارك.

دونالد ترامب قائد قوي
اختتم المحلل السياسي حديثه بالتأكيد على أن ترامب يحاول تثبيت صورته كزعيم قوي يدير ملفات الأمن الداخلي والسياسة الخارجية بحزم، في وقت تواجه فيه إدارته ضغوطًا كبرى على خلفية تعثرات في ملفات أوكرانيا، غزة، وإيران، إلى جانب أزمات اقتصادية داخلية مثل التخوف من رسوم جمركية جديدة وتسريحات جماعية في القطاع الحكومي.