عاجل

شوقي علام: تطوير التراث ضرورة لمواكبة العصر دون التفريط في الأصول

مفتي الجمهورية الأسبق
مفتي الجمهورية الأسبق شوقي علام

أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الديار المصرية السابق، أن التراث الإسلامي ليس نصوصًا جامدة، بل هو نتاج تفاعل العقل مع النص، وبالتالي فإن حركية العلماء في التعامل معه كانت وما زالت سمة أصيلة في الفكر الإسلامي، حيث لم يتوقفوا عن التطوير والتنقيح والإضافة بما يُلائم العصر وظروفه المتجددة.

وقال شوقي علام، خلال حلقة خاصة بُثّت على قناة "الناس" الفضائية، إن قراءة واعية للمنهج العلمي في التراث، تكشف أن العلماء عبر التاريخ لم يكونوا مجرد ناقلين، بل نقّحوا وهذّبوا وأضافوا وعلّقوا بالحواشي والتعليقات التي تُعبّر عن اجتهادهم وعقولهم المتفاعلة مع النص الشرعي، في محاولة لصياغته بشكل يخدم العقل المسلم المعاصر.

التراث ليس مقدسًا بذاته

وأضاف شوقي علام أن الحركة العلمية المتواصلة في التعامل مع التراث تدل على أننا أمام تطوير دائم للموروث، من أجل أن يكون هذا التراث ملائمًا للعصور المتعاقبة، لا متوقفًا عند سياق واحد أو زمن محدد، مشيدًا على أن هذا لا يعني تفريطًا في الأصول، بل هو تعامل ناضج مع النصوص وضوابطها وفق متغيرات الزمان والمكان.

وأشار شوقي علام إلى أن مشكلة بعض المتصدرين اليوم تكمن في قراءتهم السطحية للكتب، حيث يقرأ أحدهم كتابًا أو أكثر، ثم يظن أنه مؤهل للتحدث باسم الشريعة أو لتقديم الأحكام على الواقع، ما يشكل خطرًا حقيقيًا على الخطاب الديني وعلى الناس.

الأزهر والزيتونة والقرويين 

وسلّط شوقي علام الضوء على النماذج الرائدة من المؤسسات العلمية الدينية في العالم الإسلامي، مثل الأزهر الشريف في مصر، والقرويين في المغرب، والزيتونة في تونس، ومحاضر شنقيط في موريتانيا، والمعاهد العلمية في السودان واليمن، مؤكدًا أن هذه المؤسسات استطاعت أن تحافظ على الثوابت العلمية والمنهج الوسطي لقرون طويلة.

وأوضح شوقي علام أن هذه المعاهد، على الرغم من اختلاف مواقعها الجغرافية وتنوع بيئاتها، إلا أنها اتفقت في مخرجاتها على إعداد طالب علم قادر على التعامل مع النص والواقع معًا، وليس مجرد حافظ أو ناقل للمعلومات. وهذا ما يجعل خريج هذه المؤسسات مؤهلاً لفهم مقاصد الشريعة والتفاعل معها بشكل رشيد ومتوازن.

مفتي الديار الأسبق
مفتي الديار الأسبق

التحذير من الاجتهاد الفردي 

وحذّر شوقي علام من ظاهرة تصدر غير المتخصصين للفتوى أو الحديث باسم الدين، مشيرًا إلى أن من يقرأ دون أصول علمية أو تدريب منهجي متين، ثم يزعم الفهم الكافي، يُشكّل خطرًا على المجتمع وعلى صورة الإسلام.

واختتم شوقي علام حديثه بالتأكيد على أن الحفاظ على التراث لا يعني تجميده، ولا يعني أيضًا إسقاطه كليًا، بل يعني أن يُفهم في ضوء المنهج العلمي الصحيح، وأن يُفعّل في خدمة الناس والواقع، لا أن يُستعمل كقيد أو عائق في وجوه التجديد والاجتهاد.

تم نسخ الرابط