عاجل

عيد الأضحى عند الأولياء|رابعة العدوية: ذبحت الغفلة وشهوة النفس لا الكبش (خاص)

مصطفى زايد
مصطفى زايد

في لحظةٍ من لحظات الصفاء التي لم تعد تعرفها إلا القلوب التي طهّرتها المجاهدة وصقلتها المحبة، رُوي عن رابعة العدوية ـ رحمها الله ـ أنها مرّت بيوم العيد، فلم تخرج كما خرج الناس، ولم تشترِ أضحية كما فعل القوم، بل بقيت في خلوة قلبها، تجلّيًا وتبتّلاً.

أوضح الباحث الصوفي «مصطفى زايد»: على حسب الروايات المثبتة لموقف السيدة رابعة العدوية،فإنها لم تذبح كبشا في عيد الأضحى،بل ذبحت الغفلة تقربا إلى الله عز وجل،فقد روي أن أحد الصالحين دخل عليها ، وسألها:
"أما تضحين بيوم العيد؟"
فأجابته، وقد ارتسمت على وجهها علامات المقام:"إنما العيد لمن قُبلت طاعته، وإنما الأضحية سنة لمن أطاع، أما رابعة، فما عندها ما تضحّي به."
ثم قالت، كما نقل عنها:
"إنما جعل الأضحى لإراقة دم القربان، وأنا أراقب دمي كل يوم، عسى أن يُسفك فيه دم الرياء، وتُذبح شهوة النفس."

رؤيا قلب رابعة العدوية 

وقال «زايد»  في تصريح لـ نيوز رووم: هذه القصة، التي جرت في البصرة، لم تكن موقفًا فقهيًا، بل كانت رؤيا قلب. لقد أدركت رابعة العدوية، التي عاشت لله وحده، أن العيد لا يكون إلا حين تصفو النيّة، وأن الأضحية الحقيقية ليست في لحمٍ يُراق، بل في نفسٍ تُحرق على مذابح الإخلاص.
لقد وردت هذه الرواية في عدد من المصادر الصوفية المعتمدة:
في "صفة الصفوة" لابن الجوزي، جاء ذكر حال رابعة في الزهد والعبادة، وإن لم تُذكر قصة العيد نصًّا، فقد نقل عن أحدهم:
"رأيت رابعة في يوم عيد، وعليها جبةٌ خلق، فقلت: يا أمّاه، أليس اليوم عيد؟ فقالت: العيد لنا يوم لا نعصي الله فيه."

وفي "حلية الأولياء" لأبي نعيم الأصفهاني، ورد:
"قال لها رجل: أضحّي؟ فقالت: ضحّ بنفسك، إن كنت صادقًا."

أضاف زايد: وفي "نور الأبصار" للشبلنجي، يُذكر عن رابعة أنها كانت ترى الأعياد محلاً للتوبة لا للزينة، وموقفًا للصدق لا للفرح الظاهري.

أما "طبقات الأولياء" لعبد الرحمن السلمي، فقد نقل أثرًا مماثلاً فيه:
 "قالت رابعة: إنما عيدنا يوم لقاء الله، أما اليوم، فهو يوم اختبار النيّات."
وقال الباحث الصوفي: لم تكن رابعة العدوية ترفض الشريعة، بل كانت تذبح ظاهرها على مذبح الحقيقة. كانت ترى في كل عيد دعوةً لتفقد القلب، لا تفقد المال. فالعيد عندها ليس في خروف يُذبح، بل في شهوةٍ تُزهق، ونفسٍ تُرد إلى مقام الفقر الكامل إلى الله.

تم نسخ الرابط