الناتو يوافق على إطلاق برنامج تسليح دفاعي لمواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة

في خطوة تعكس التحولات الجيوسياسية المتسارعة، وافق حلف شمال الأطلسي (الناتو) على إطلاق أكبر برنامج تسليح دفاعي منذ عقود، في إطار استراتيجية شاملة لتعزيز جاهزيته العسكرية ومواجهة التحديات الأمنية المتصاعدة في العالم، خصوصًا في ظل استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

تصاعد الحرب الأوكرانية 

علّق الدكتور محمد صادق إسماعيل، مدير المركز العربي للدراسات السياسية، على هذا التحرك النوعي من قبل الناتو، مشيرًا إلى أن القرار يأتي استجابة لجملة من المعطيات، أبرزها تصاعد نطاق الحرب الروسية الأوكرانية خلال الفترة الأخيرة، وتزايد المخاوف من توسع الصراع ليشمل مناطق جديدة في أوروبا الشرقية.

وأوضح محمد صادق إسماعيل، في مداخلة له عبر قناة "إكسترا نيوز"، أن الحرب الدائرة منذ عام 2022 بين روسيا وأوكرانيا أدت إلى إعادة رسم الأولويات الدفاعية لدول الحلف، ما دفعها إلى إقرار زيادة كبيرة في ميزانيات التسليح لضمان جاهزية عالية في مواجهة أي تهديدات محتملة.

تصريحات ترامب تضغط 

وأشار محمد صادق إسماعيل إلى أن تصريحات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب كان لها تأثير واضح على هذه الخطوة، حيث دعا إلى رفع نسبة الإنفاق العسكري داخل حلف الناتو من 1.5% إلى 3%، بل واقترح أن تصل إلى 5% في بعض الدول، مؤكدًا ضرورة تحمّل أعضاء الحلف مسؤوليات أكبر في تأمين الدفاع المشترك.

وأضاف محمد صادق إسماعيل أن هذه الدعوات جاءت ضمن سلسلة انتقادات وجهها ترامب خلال فترته الرئاسية وبعدها، معتبرًا أن الولايات المتحدة تتحمل عبئًا كبيرًا يفوق باقي أعضاء الحلف، ما دفع العديد من الدول الأوروبية إلى إعادة تقييم سياساتها الدفاعية والاستعداد لتحمّل المزيد من التكاليف.

تراجع الدعم الأمريكي لأوكرانيا 

وتابع محمد صادق إسماعيل ، أن أحد العوامل المحورية وراء قرار الناتو الأخير يتمثل في احتمالية تقليص الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا، في ظل الحديث المتزايد عن انسحاب تدريجي أمريكي من تمويل الحرب، خاصة في ظل الخلافات الداخلية الأمريكية حول الميزانيات المخصصة للمساعدات الخارجية.

وأوضح محمد صادق إسماعيل أن هذا التوجه يُحتم على باقي دول الحلف أن تلعب دورًا أكبر، حيث أن بعضها لا تزال تنفق أقل من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، الأمر الذي جعل هناك ضرورة استراتيجية لرفع هذه النسب بشكل متناسب مع التهديدات.

الناتو يسعى لتوازن استراتيجي 

واختتم محمد صادق إسماعيل تحليله بالتأكيد على أن هذا التحول في سياسات الناتو يعكس رغبة الحلف في بناء توازن استراتيجي جديد في ظل عالم يتغير بسرعة، سواء من حيث بروز تحالفات جديدة أو تصاعد الأزمات الجيوسياسية، مشيرًا إلى أن هذه الخطوات تمثل مرحلة انتقالية في بنية الأمن العالمي.