عاجل

الخيانة عبر التاريخ2... «من ديليسبس للخنفس»... أسهم ضربت صدر عرابي

القائد الوطني أحمد
القائد الوطني أحمد عرابي

نكمل ما بدأناه في سلسلة خيانة عبر التاريخ، حيث عانت مصر مثلها مثل أي بلد متحضر، من الخيانات عبر العصور، والتي نرصد بعضًا منها عبر صفحات نيوز رووم، وفي هذه المرة، نحمل لكم مثلًا من عصر أسرة محمد علي، وهي خيانة ممزوجة بالعديد من الألاعيب السياسية، حيث حمل ظاهر تصرف الخديوي البراءة، ولكن في باطنه الخيانة.  

الخيانة عبر التاريخ2... «من ديليسبس للخنفس»... أسهم ضربت صدر عرابي  

قال بسام الشماع المرشد السياحي، والمؤرخ وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية واتحاد الكتاب المصري، في تصريحات لـ نيوز رووم، إن من أشهر الخيانات في تاريخ مصر، تلك التي حيكت ضد البطل المصري، صاحب أول ثورة شعب وجيش معًا، وهو الزعيم أحمد عرابي، والذي تم استهدافه بسهام الخيانة من جوانب عديدة. 

اقرأ أيضًا: الخيانة عبر التاريخ1... نجاة الملك إمنمحات الأول من محاولة اغتيال سياسية

كتب عرابى فى مذكراته الذى وضعها فى كتاب سماه "كشف الستار عن سر الأسرار فى النهضة المصرية المشهورة بالثورة العرابية فى عام 1298و 1299 الهجريتيين و فى 1881 و 1882 الميلاديتين"، حيث وثق خيانة الخديوي محمد توفيق بن إسماعيل بن إبراهيم بن محمد علي باشا، قائلًا: 

"وفي مساء ذلك اليوم أرسل ناظر الجهادية المذكور، وكان في وقتها عثمان رفقي باشا، ووصفة عرابى بأنه -جاهل متعصب لجنسه غافل عما ينتجه التفريق والاستخفاف بالعنصر الوطني من حرج بالصدور- تذاكر يدعونا بها للحضور إلى ديوان الجهادية بقصر النيل فى صباح يوم 2 ربيع أول سنة 1298ه للاحتفال بزفاف جميلة هانم شقيقة الحضرة الخديوية.

مذبحة مماليك جديدة 

وأكمل عرابي:  فأدركنا أنه يريد أن يخدعنا، ويبطش بنا كما فعل محمد على باشا بأمراء المماليك، إذ لم يكن تاريخ الزفاف قد حان، فكانت تلك الحيلة سابقة لأوانها ولذلك أخذنا حذرنا وهيأنا ما يلزم لنجاتنا" وبالفعل تم القبض على عرابى ورفاقة وسخر خسرو باشا منهم وهم فى المحبس، ولكن تم تحريرهم بواسطة فرقتين من الـ آلاي «ركاب عربات ذات خيول» وهم الحرس الخديوى المواليين لعرابي، ولكنه سرعان ما حذر وتوسل لجنوده: "بأن لا يمدوا أيديهم بسوء إلى أحد من الجراكسة ولا إلى غيرهم من الضباط لأنهم إخواننا...." كما كتب عرابى فى مذكراته.

خيانات متتالية

بعد انتصار جيش عرابي في معركة أبى قير فلجأ الإنجليز إلى التقهقر: "ولي منهزمًا وكبد جيش عرابى الجيش الإنجليزى فى معركة عزبة خورشيد خسائر وصلت إلى 17 جثة و خسائر عظيمة، وانتصر جيش عرابى ورغم انحياز الخديوي توفيق للإنجليز، إلا أنه تم إنعقاد مؤتمر عام فى ديوان الداخلية في 22 يوليو سنة 1882 و6 رمضان سنة 1299 صدرت فيه فتوى شرعية من الشيخ العارف بالله شيخ الإسلام والمسلمين السيد محمد عليش وشيخ الإسلام الشيخ حسن العدوي، وشيخ الخلفاوي وغيرهم من العلماء بمروق الخديوي توفيق باشا من الدين مروق السهم من الرمية، لخيانته لدينه ووطنه وانحيازه  لعدو البلاد، كما جاء فى مذكرات عرابي، وهو الذي بالطبع ساعد الإنجليز على إحتلال مصر، وهم جيش عرابى الإنجليز فى كفر الدوار، و لكن كانت الخيانة والخوف والإنسحاب من البعض ودسائس الخديوى فى معركة التل الكبير التى أدت إلى هزيمة عرابى وجيشه رغم بسالتهم و شجاعتهم التى إعترف بها الجنرال باتلر قائلاً:" حارب بنية صادقة وعزم ثابت ولم تعقه كل العوائق الكبرى التى وضعناها حواليه.... وقد خانهم الذين ائتمنوهم، ومع ذلك كان لا يجتمع منهم 10 أو20 أو50 إلا وثبتوا فى المتاريس أو منحدرات التلول او فى سطح الصحراء".

ديليسبس الخائن 

أكد «دى لسبس» الفرنسي، لعرابى حيادية قناة السويس فى الحرب ضد الإنجليز، ولكنه خانه ودخلت المراكب الحربية الإنجليزية فى قنال السويس، وبالتالى فكر عرابى فى سد الترعة الحلوة، أما الشاعر الذى أيد عرابى ونهضته فى البداية، على الليثى، سرعان ما خانه بعد هزيمة الجيش المصرى ودخول الإنجليز، حيث اعتذر للخديوى عن نفسه، وأمثاله فى قصيدة شعر ومنها: «يا عظيم الجناب يا خير ملك... سعده قد أباد من تقول...."، وسار على نهج الليثى، عبد الرحمن الإبيارى قاضى الإسكندرية. 

فمن دى ليسبس الذى أقنع عرابى أنه لا يردم أو يغلق قناة السويس لأنها حيادية وقت الحروب وأن قوات الإنجليز لن تستطيع المرور فيها، ولكنه فى نفس الوقت كان متفقاً مع الإنجليز على السماح لهم بالمرور فى القناة سراً فى الليل، لسلطان باشا لعلى مبارك الذى انحاز إلى جانب الخديوى توفيق إلى بعض بدو الصحراء الذين أرشدوا الإنجليز على الممرات والطرق والدهاليز الموصلة لموقع الثوار العرابيين فى التل الكبير إلى السلطان العثمانى: الذي أعلن عصيان عرابي ومروقة قبل معركة "التل الكبير 

الخنفس 

وهو قائد حامية الجيش المصرى بالقاهرة، والذى أمد الإنجليز بخطط الثوار، وتحركاتهم فى كفر الدوار، وفى الشرقية وأطلق عليه المصريون الـ "خنفس" وهو الخائن الرئيسى فى إرشاد الإنجليز على الثغرات فى الجيش المصري. 

وقد كان "على بك يوسف" قائد الآلات المصرى الثالث الذي أخلى معسكرة ودل الإنجليز على أفضل طريق للوصول إلى قلب الجيش المصرى بناءً على طلب الإنجليز. 

الخائن سلطان باشا 

وماذا عن الخائن سلطان باشا الذى قدم للقوات المحتلة الإنجليزية الهدايا واستقبلهم، وقد كافئه توفيق بـ 10 آلاف جنية والنيشان المصري وخلع عليه الإنجليز لقب «سير» فمع كل هذة الخيانات كيف كانت لثورة عرابى ورفاقه أن تنجح؟ وقد اكتلمت خيوط مؤامرة الخونة قبل عودة عرابي بأكثر من شهريين من منفاه الذي تم تبجيله فيه من قبل أهل سيلان (سرى لانكا) ، فبدأت حملة لتشويه عرابي. 

خذلان شوقي 

ونشر الشاعر أحمد شوقي، قصيدة استهزأ فيها من عرابي ويثير الشائعات، بدأها بـ: "صغار الذهاب وفي الإياب... إلى آخر البيت"، وتم تشويه تاريخ وسيرة البطل عرابي الذى طالب بأن تكون مصر للمصريين جميعاً لا ملكاً لشخص واحد أو عائلة واحدة، وأن ينتخب الوالي بمعرفة الأمة ومشايخ القرى والبلدان بمعرفة الأهالي وإبطال السخرة، وتحريم استخدام الكرباج ضد الفلاحيين خاصة.

تم نسخ الرابط