الخيانة عبر التاريخ1... نجاة الملك إمنمحات الأول من محاولة اغتيال سياسية

الخيانة موجودة في كل مجتمع بشري متفاعل، ويبدو أن ملوك قدماء المصريين قد عانوا منها، وتجرعوا كأس مرارتها، فكما أن الإخلاص و الوفاء لأرض مصر هما من سمات عظماء تاريخنا، ولكن لوث ثوب تاريخنا والتاريخ عامة الناصع بقع من الخيانة، ومن سمات الخونة أنهم بلا أخلاق وبلا مبادىء، ومأربهم الشخصية الوصول إلى السلطة، والهيمنة والماديات.
الخيانة في مصر القديمة
وعلق بسام الشماع المرشد السياحي، والمؤرخ وعضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية واتحاد الكتاب المصري، قائلًا، في التاريخ المصري القديم يوجد لدينا نص ترجمته العالمة الفرنسية كلير لالويت، وترجمه للعربية ماهر جويجاتى فى مصدر معتبر، وهو من تعاليم الملك خيتى الثالث (الأسرة العاشرة وقد حكم من "هرقليوبوليس" فى إهناسيا المدينة- بنى سويف) إلى إبنه "مرى- كا – رع" يقول له فيه : "إن رجلاً عنيف القلب، هو أيضاً مصدر قلاقل بين المواطنين، إنه يثير الفرقة بين الشباب... وفى داخل مصر ذاتها لا يهدأ العدو...".
الملك "إمنمحات الأول"
وفى عصر حكم الملك "إمنمحات الأول" (الأسرة الثانية عشرة) حرض بعض المقربين إليه ضده، وقامت مؤامرة ضد الملك، وقد يستشعر المرء فى بعض العبارات فى نص تعاليم الملك إمنمحات الأول إلى إبنه سنوسرت أنه واجه خيانة أو مؤامرة من الداخل، ويظهر هذا جليًا فى العبارات التالية والتى جاءت على لسان الملك "إمنمحات الاول"، وهي مكتوبة وموثقة قديمًا فى برديات مثل بردية ساليية رقم 1 و2 بالمتحف البريطانى وبردية برلين رقم 3019، ولفافة من الجلد فى متحف اللوفر والعديد من الأوستراكا (الشقاقات) حسب ما جاء فى نفس المصدر أعلاه.. يقول الملك لابنه ناصحاً: "احذر مرؤوسيك، حتى لا يقع (حادث) خطير لم يكن أحد قد تنبه له، لا تقترب منهم، ولا تبق بمفردك، لا تضع ثقتك فى أخ، لا تعرف أصدقاء، ولا تخلق صداقات حميمة، فلا فائدة ترجى من ذلك، وإذا خلدت إلى النوم، فليكن قلبك ذاته هو الذي يتولى حراستك، فالإنسان لا يجد الأصدقاء فى يوم الشدة".
حالة خيانة
ويظهر واضحاً فى كلمات الملك التشاؤمية عدم الثقة فى المقربين، وكأنه يتكلم عن تجربة شخصية تفاجىء بها هو نفسه ولم يكن يتوقعها، ثم يذكر أن هناك عدم إخلاص ولا وفاء ولا عرفان بالجميل، و قد وصفها بأوصاف عميقة تربوا إلى درجة القسوة وتستشعر أيضا خيبة الأمل والغضب معاً فى مزيج حزين، يقول: "ولكن ذلك الذي كان يأكل من طعامى، هو نفسه الذى كان يوجه اللوم (لي)، والذي مددت له يدي، هو نفسه الذي كان يثير الرعب (وهنا يتكلم الملك بإستخدام "كان" أى حدث هذا في الماضي) بسبب ذلك ومن كان يرتدي من أرق كتاني، كان ينظر إلي على نحو ما كان يفعل أولئك الذين كانوا محرومين منه، والذين كانوا يتضمخون بطيب المر (الخاص بى) كانوا يبصقون على تعطيفي.
خيانة ومؤامر
ثم يشرح الحادثة التي تشبه على خيانة ومؤامر على حياته قائلاً: "كان ذلك بعد وجبة المساء، كان الليل قد حل، وأخذت ساعة راحة، فتمددت فوق سريرى وأنا فى غاية التعب، وبدأ قلبى، بالنسبة لى، يسعى وراء نعاسى، عندئذ شهرت أسلحة كان ينتظر منها على العكس.
واختتم بسام الشماع الشماع كلماته قائلًا، هذا تصريح واضح جداً لعملية اغتيال منظمة، ومؤامرة ممنهجة على حياة الملك جاءت من أناس مقربين له، لم يكن يتوقع منها هذا الفعل الشنيع، أن تسهر على ضوضاء، القتال، إذ كنت بمفردي"، ثم يؤكد المؤامرة قائلاً: “وعلى الرغم من أن واحدة من أشهر الصيحات المعترضة على خيانة صديق”