عاجل

بئر زمزم: مصري أول من رأى قاع البئر المباركة وكشف أسرارها

الغواص المصري محمد
الغواص المصري محمد يونس

يُعد بئر زمزم من أقدم وأقدس ينابيع المياه في العالم، تشتهر مياهه ببركتها وفوائدها الصحية، ويُعتقد أنها تُسهم في تقوية جهاز المناعة ومقاومة الأمراض، تروي السيرة النبوية الشريفة أن البئر نبع بأمر الله بعدما ضرب جبريل عليه السلام، الأرض بجناحه لنبي الله إسماعيل وأمه هاجر عليهما السلام، عندما كان إسماعيل رضيعًا يبكي من العطش في صحراء وادٍ قفر.

مفاجأة التوسعة الكبرى: اكتشافات غير متوقعة

في عام 1978، قررت المملكة العربية السعودية توسعة الحرم المكي، وأثناء أعمال الحفر، انفجرت المياه من تحت الأرض بشكل مفاجئ، وعلى الفور، قرر المهندس المسؤول عن المشروع، يحيى كوشك، إيقاف الحفر لمعرفة مصدر الماء، مدفوعًا بقلق بالغ من أن يُنسب إليه إفساد بئر زمزم التاريخي، وتبين أن المياه المتفجرة هي بالفعل مياه البئر المباركة، واستغل هذه الفرصة التاريخية للتعرف على مصدر الماء بشكل دقيق، واستعان بغواصين من ميناء جدة، أحدهما مصري يُدعى محمد يونس، والآخر باكستاني، وكلفهما بهذه المهمة غير المسبوقة.

ظاهرة البوصلة الغريبة ومحتويات القاع

عندما جهّز الغواصان عدتهما ونزلا إلى البئر، اصطحبا معهما بوصلة لتوجيههما نحو منبع المياه، والغريب في الأمر أن البوصلة فقدت اتجاهاتها تمامًا بمجرد نزولهما مسافة 19 مترًا داخل البئر، الذي كان عمقه وقتها حوالي متر ونصف عرضًا، كانت الظاهرة غريبة وكأن الغواصين يقفان في قلب مثلث برمودا، مما جعلهما يعتقدان أن البوصلة تعطلت وقررا استبدالها بأخرى، لكن المفاجأة كانت أن البوصلة الجديدة أظهرت نفس السلوك الغريب.

بعد تحليل دقيق للمقاطع المصورة من داخل بئر زمزم، تمكن الغواصان من كشف السبب وراء تعطل البوصلة. تبين أن هناك عددًا كبيرًا من المواسير الحديدية التي سقطت وتكدست داخل البئر. هذه الكتل المعدنية الضخمة هي التي أدت إلى تشويش على مغناطيس البوصلة، مما منعها من تحديد الاتجاهات بشكل صحيح خلال عملية الاستكشاف.

تحديات التنظيف في بئر زمزم: صعوبات الأكسجين وحلول مبتكرة

واجه الغواصان المكلفان بتنظيف بئر زمزم صعوبات كبيرة في الحفاظ على أنابيب الأكسجين خلال عملية التنظيف طويلة الأمد، هذا التحدي دفعهم للبحث عن حلول بديلة لضمان استمرارية التنفس تحت الماء.

خرطوم الأكسجين ومزيج الزيوت

كان الحل الذي تم اللجوء إليه هو مد خرطوم أكسجين من أعلى البئر، يُربط مباشرة بالغواصين ليمدهم بالهواء اللازم للتنفس، ومع ذلك، لم تخلُ هذه الطريقة من مشكلات؛ حيث كان هواء الخرطوم يختلط بزيوت من مضخة الهواء، مما سبب حرقة سيئة في الحلق للغواصين.

حل مؤقت لمعالجة المشكلة

لمعالجة هذا الأثر الجانبي المزعج، وجد الغواصون أن الإكثار من شرب الحليب عند الصعود من البئر يساعد على تخفيف حرقة الحلق الناتجة عن استنشاق الهواء الممزوج بالزيوت.

بعد جهود مضنية في تطهير البئر، نجح الغواصان أخيرًا في الوصول إلى منابع زمزم. كانت هذه المنابع تضخ المياه بقوة عاتية وبأصوات تصم الآذان، مما يدل على غزارة وعمق تدفقها.

مخلفات متراكمة ولقى غريبة داخل البئر

أخرج الغواصان كميات هائلة من المخلفات المتراكمة بارتفاع 10 أمتار داخل البئر. كانت هذه المخلفات متنوعة وغريبة، ومن أبرزها:

  • قرون ماعز وأسنان: يُعتقد أنها جزء من أعمال سحرية أُلقيت في البئر.
  • خواتم وأحجار منقوش عليها أسماء: يُرجح أنها أُلقيت بغرض التبرك من قِبل العامة.
  • علب مشروبات، برادات شاي، ولي الشيشة: يُرجح أن السيول هي التي جرفت هذه الأدوات الحديثة إلى داخل البئر.
  • أوانٍ فخارية، عملات عثمانية وبريطانية قديمة، حبال، سبح، أحجار صغيرة منقوش عليها أسماء أشخاص.

تكشف هذه المكتشفات عن تاريخ طويل من تفاعل البشر مع بئر زمزم، سواء لأغراض دينية، أو عادات شعبية، أو حتى بفعل الظواهر الطبيعية كالسيول.

اكتشف الغواصان أن العمق الحقيقي للبئر يبلغ 30 مترًا، وأن الفرق في العمق كان بسبب المخلفات المتراكمة التي تم تنظيفها بالكامل، ونجحا بعد تطهير البئر في الوصول لمنابع زمزم وكانت تضخ الماء بقوة عاتية وبأصوات تصم الآذان.

تم نسخ الرابط