سيدة المسرح العربي التي خلدت الفن بروحها وأدائها.. وداعًا سميحة أيوب

ودّعت مصر اليوم واحدة من أعظم رموز الفن العربي، الفنانة الراحلة سميحة أيوب، التي رحلت عن عالمنا عن عمر يناهز 93 عامًا، بعد مسيرة فنية حافلة بالعطاء والتألق، جاء النعي من خلال برنامج "الستات مايعرفوش يكدبوا" عبر قناة CBC، في تقرير مؤثر حمل عنوان: "وداعًا سيدة المسرح العربي.." ليختزل مشوار فنانة لم تكن مجرد نجمة، بل ذاكرة حية لتاريخ المسرح المصري.
إرث فني خالد ومواقف لا تُنسى
وصف التقرير الراحلة سميحة أيوب بأنها كانت وجهًا لا يُنسى من وجوه الخشبة المصرية، وقلبًا نابضًا بالعشق للفن حتى اللحظات الأخيرة من حياتها. فرحيلها لا يُعد فقط فقدانًا لفنانة قديرة، بل خسارة لركيزة أساسية من أعمدة المسرح العربي، تلك التي وقفت على خشبته بشموخ وإبداع لعقود طويلة، وتركت بصمة لا يمكن محوها من الذاكرة الجمعية للفن المصري والعربي.
بدأت سميحة أيوب رحلتها الفنية وهي في سن الخامسة عشر، عندما شاركت في أول أفلامها "المتشردة" عام 1947، ثم "حب" عام 1948. لكنها لم تكتفِ بتجربة الشاشة، فالتحقت عام 1949 بـالمعهد العالي للفنون المسرحية، لتتتلمذ على يد رائد المسرح زكي طليمات، وتتخرج عام 1953، حاملةً طموحًا فنيًا لا يعرف السكون.
أكثر من 7 عقود عطاء
على مدار أكثر من سبعين عامًا، قدمت سميحة أيوب أكثر من 170 عملًا مسرحيًا تنوعت بين النصوص الكلاسيكية والمعاصرة، أبدعت فيها بأداء فني راقٍ، وقدرة نادرة على التوحد مع الشخصية، ما جعلها واحدة من أعمدة المسرح القومي المصري، كان حضورها على المسرح كافيًا لجذب الجمهور دون الحاجة إلى مؤثرات أو بهرجة؛ فـقوة أدائها كانت هي النور الذي يُضيء الخشبة.
لم يقتصر تأثير الراحلة على المسرح فحسب، بل امتد إلى السينما والدراما المصرية، حيث شاركت في أعمال بارزة تركت أثرًا واضحًا على الأجيال، وكان آخر ظهور فني لها في فيلم "ليلة العيد" عام 2024، حيث اختارت أن تُنهي مسيرتها وسط جيل جديد من الفنانين، في رسالة مفادها أن الفن لا يُورَّث بالكلمات، بل بالفعل والقدوة.

إدارة المؤسسات المسرحية
شغلت سميحة أيوب مناصب قيادية مهمة، أبرزها إدارة المسرح الحديث من عام 1972 حتى 1975، ثم إدارة المسرح القومي على فترتين متتاليتين (1975 - 1989)، لتكون فنانة ومديرة وموجهة في آنٍ واحد، وخلال تلك السنوات، أسهمت في تطوير البنية التحتية للمسرح المصري، وأثّرت في أجيال من الفنانين الذين تربوا على يدها أو استلهموا من تجربتها.
برحيلها، انطفأ ضوء من أضواء المسرح المصري، لكن حضورها سيظل حاضرًا في كل مشهد، وكل جملة حوار، وكل خشبة مسرح نطقت بإبداعها. ستبقى سميحة أيوب عنوانًا للفن الراقي والرسالة الصادقة، وستظل ذكراها حيّة في وجدان المسرح وقلوب من أحبوا الفن.