ملتقى المرأة بالجامع الأزهر يناقش الصوم وأثره على الصحة

أكدت د. رضا إسماعيل، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر الشريف، خلال ملتقى المرأة بالجامع الأزهر، أن الصحة النفسية هي حالة من الرفاه النفسي تمكِّن الفرد من مواجهة ضغوط الحياة وتحقيق إمكاناته. وأوضحت أن الصيام لا يقتصر على الامتناع عن الطعام فقط، بل يشمل تجنب الأفعال السلبية وتعزيز السلوكيات الإيجابية.
فوائد نفسية متعددة
وأشارت إلى أن الصوم له فوائد نفسية متعددة، منها إنماء الشخصية وتعزيز التحكم في الذات، ودعم الروابط الاجتماعية وتقليل مشاعر الوحدة. كما يساهم الصيام في تعزيز إفراز هرمون الإندورفين، مما يؤدي إلى تحسين الحالة النفسية والتخفيف من أعراض الاكتئاب.
وأضافت أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أن الصيام يساعد على تحسين المزاج، وتعزيز الثقة بالنفس وضبط الذات. كما يسهم في تقليل التوتر، وتحسين جودة النوم، وتنظيم الساعة البيولوجية، إضافة إلى زيادة الشعور بالرضا والسعادة، وتحسين الذاكرة والتركيز من خلال تقليل السموم وتعزيز الاسترخاء.
الأثر الروحي والفكري للصوم
من جانبها، أكدت أ. هبة عبيد، الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية، أن للصوم تأثيرًا عميقًا على الجوانب الروحية والفكرية للمسلم. وأوضحت أن الصيام يعمل على وقاية النفس من المعاصي والرذائل، ويدفعها إلى الإقبال على طاعة الله ومرضاته. وأضافت أن الصوم يمثل تمرينًا عمليًا لحبس النفس عن الملذات المباحة، مما يساعد على تهذيبها وتقوية الوازع الديني.
وأشارت الواعظة بمجمع البحوث الإسلامية إلى أن الصيام وسيلة لشكر الله على نعمه، حيث يحرص الصائم على الابتعاد عن كل ما يفسد صومه أو ينقص من أجره. وشددت على أهمية الصوم في صيانة الجوارح وحفظ النفس من الوقوع في المحظورات.
الصيام منهج لتربية النفس وتقوية الإرادة
في السياق ذاته، أكدت د. حياة حسين العيسوي أن الله تعالى فرض الصيام على المسلمين كما فرضه على الأمم السابقة، مستشهدة بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}. وأوضحت أن هذه الآية تدل على أن الصيام عبادة شاقة، لكن تعميم التكليف على الناس يجعل أدائها أكثر سهولة وتحفيزًا.
وأضافت أن الصيام يساعد على تربية النفس البشرية من خلال تقوية العزيمة والإرادة، وتعزيز القدرة على ترك الشهوات المحرمة والصبر عليها. وأكدت أن هذه الممارسة تؤدي إلى تصحيح النفس، وسلامة القلب، ونقاء العقل، مما يجعل الصيام وسيلة فعالة لتحقيق التقوى والوعي الذاتي.
الصيام وسيلة لضبط الشهوات وتحقيق التغيير
وتابعت العيسوي أن الصيام يكبح الشهوات، مستشهدة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ". وأوضحت أن هذه الوصية النبوية تعكس أهمية الصيام في التحكم في الغرائز وضبط النفس.
وأكدت أن الله سبحانه وتعالى يربط التغيير بتغيير النفس، مستشهدة بقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ}. وأشارت إلى أن الصيام ليس مقتصرًا على شهر رمضان فقط، بل هو تدريب مستمر لتحقيق الاستقامة في جميع جوانب الحياة، وتعزيز الانضباط الذاتي والوعي الروحي.
يأتي ملتقى المرأة بالجامع الأزهر في إطار جهود الأزهر الشريف لنشر الوعي الديني والاجتماعي، وتسليط الضوء على الجوانب المتعددة للصيام وأثره على الصحة النفسية والجسدية والروحية.