العشر من ذي الحجة في القرآن والسنة.. أسرارها وفضائلها

ورد ذكر العشر من ذي الحجة في القرآن والسنة، ومن خلال ملتقى التفسير ووجوه الإعجاز القرآني الأسبوعي، بالجامع الأزهر، حيث عقد لقاء تحت عنوان "فضائل العشر من ذي الحجة في الكتاب والسنة".
العشر من ذي الحجة في القرآن والسنة
بحضور كل من: أ.د رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر، وأ.د. خالد شاكر أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وأدار الحوار الإعلامي أبو بكر عبد المعطي.
في كلمته الافتتاحية للملتقى قال فضيلة الدكتور رمضان الصاوي، نائب رئيس جامعة الأزهر: تعد الأيام العشر الأولى من شهر ذي الحجة من أفضل الأيام عند الله سبحانه وتعالى، وهي فرصة عظيمة للمسلمين لزيادة التقرب إلى الله ونيل عظيم الأجر والثواب، وقد خصها الله بمكانة عظيمة وذكرها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة تبين فضلها وأهمية اغتنامها.
كما أن هذه العشر من ذي الحجة هي كمال أيام موسى عليه السلام "وَوَاعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً"، وفي هذه الأيام أكمل الحق سبحانه وتعالى الدين " الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"، وفي هذا المعنى تحديدًا قال أحد أحبار اليهود لعمر بن الخطاب: لو علمنا نحن معشر اليهود ذلك اليوم، لاتخذنا ذلك اليوم عيدًا، فقال عمر بن الخطاب: قد علمنا اليوم الذي نزلت فيه، والساعة، وأين رسول اللهِ ﷺ حين نزلت؛ إنها نزلت، ونحن مع الرسول صلى الله عليه وسلم بعرفات، فهما عيدان عيد الجمعة وعيد الوقوف بعرفة.
العمل الصالح في العشر من ذي الحجة
مبينًا أن العمل الصالح في هذه الأيام المباركة أحب إلى الله من أي عمل آخر في غيرها من الأيام، ويشمل العمل الصالح جميع أنواع الطاعات من صلاة وصيام وصدقة وتلاوة للقرآن وذكر ودعاء وبر بالوالدين وصلة للأرحام وإحسان إلى الجار والفقراء والمساكين، فكل خطوة يخطوها المسلم في سبيل الخير في هذه الأيام تضاعف أجورها وترفع درجاتها، كما أن في هذه الأيام الفضيلة يوما يغفر فيه للعباد ذنوب كثيرة، وهو يوم عرفة، فقد ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن الرسول ﷺ قال لبلال: "يا بلال، أنصت لي الناس، فقام بلال، أنصتوا لرسول الله ﷺ فسكت الناس، فقال ﷺ: يا معاشر الناس، أتاني جبريل آنفًا، فأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات، فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص، فقال: هذا لكم، ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة.
من جانبه، قال الدكتور خالد شاكر، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، هذه الأيام لها أفضلية كثيرة، بدليل قول رسول الله ﷺ: ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: 'ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء"، موضحًا " أن الإمام البخاري وضع هذا الحديث، في باب 'فضل العمل في أيام التشريق (الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة)، ما جعل البعض يظن أن الفضل المذكور متعلق بأيام التشريق فقط، لكن الأمر ليس كذلك؛ فما قاله الحافظ ابن حجر هو أن تبويب البخاري للحديث ضمن فضل أيام التشريق كان لأسباب، الأول: ليقول لنا إن أيام التشريق أيام عبادة، كيلا يغفلها الناس، الثاني: قال العلماء إن البخاري أراد أن يقول لنا أن أيام التشريق لها فضل كبير، لما فيها من طاعة والتزام لأوامر الله سبحانه وتعالى، وهو من باب الحث على فعل الخير.
وذكر الدكتور خالد شاكر، أن لفظ الحديث الذي جاء بلسان رسول الله ﷺ: "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام"، ما دام النبي ﷺ قال "العمل"، فهذا يعني أن كل الأعمال الصالحة مقبولة ومحبوبة في هذه الأيام، وهو من باب توسيع دائرة الخير، وشمولية الأجر لكل الأعمال الصالحة، لذلك قال النبي ﷺ: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"، كما أنها فرصة أن يراجع الإنسان نفسه في كل شيء وأن يقبل على الله سبحانه وتعالى، بالإضافة إلى ما سبق، يعد صيام الأيام التسع الأولى من ذي الحجة مستحبا عند جمهور العلماء، ومما يزيد من أهمية صيام هذه الأيام ما ورد عن النبي ﷺ ، فقد كان لا يترك صيامها، وهذا الاهتمام النبوي بهذه السنن يؤكد على عظم مكانتها، ويعد حثا للمسلمين على الاقتداء به في اغتنام هذه الفرصة العظيمة لزيادة الطاعات والتقرب إلى الله.
يذكر أن ملتقى "التفسير ووجوه الإعجاز القرآني "يُعقد الأحد من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى إلى إبراز المعاني والأسرار العلمية الموجودة في القرآن الكريم، ويستضيف نخبة من العلماء والمتخصصين.