المسجد النبوي.. شاهد تاريخي على عظمة الإسلام حتى رؤية السعودية 2030

يمثل المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة رمزًا خالدًا للعراقة الإسلامية والروحانية العميقة، فهو ليس مجرد بناء عمراني، بل محطة مركزية في التاريخ الإسلامي، ومهوى أفئدة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وفي عرض تفصيلي قدّمه الإعلامي همام مجاهد عبر شاشة "القاهرة الإخبارية"، تم تسليط الضوء على تطور هذا المسجد النبوي منذ تأسيسه وحتى توسعاته الحديثة ضمن رؤية السعودية 2030.
المسجد النبوي.. البداية المباركة في عام الهجرة
بدأت قصة المسجد النبوي في العام الأول للهجرة، عندما غرس النبي محمد ﷺ أولى لبناته، ليصبح ثاني أقدس مسجد في الإسلام بعد المسجد الحرام، كانت مساحته آنذاك لا تتجاوز 1050 مترًا مربعًا، جدرانه من الطين، وسواريه من جذوع النخل، وسقفه من الجريد، ومع تزايد أعداد المسلمين، جاءت أولى التوسعات على يد النبي ﷺ نفسه في السنة السابعة للهجرة، حيث بلغت المساحة 2500 متر مربع.
استمر المسجد في التوسع مع تعاقب الخلفاء الراشدين، فقد أجرى عمر بن الخطاب رضي الله عنه توسعة في عام 17 هجريًا، فارتفعت المساحة إلى 3600 متر مربع. ثم جاء الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه بين عامي 29 و30 هجريًا ليقوم بتوسعة جديدة، فبلغت مساحة المسجد 4960 مترًا مربعًا، مما يعكس اهتمام الخلفاء بتطوير المسجد بما يتناسب مع نمو الأمة الإسلامية.
التوسعات الإسلامية الكبرى .. من الأمويين إلى العثمانيين
شهد المسجد النبوي خلال العصور الإسلامية المتعاقبة محطات توسعة كبرى، ففي العصر الأموي، قام الوليد بن عبد الملك بتوسعة بين عامي 88 و91 هجريًا، رفعت المساحة إلى 6465 مترًا مربعًا. أما في العصر العباسي، فقد توسع المسجد مرة أخرى في عهد الخليفة المهدي عام 161 هجريًا ليصل إلى 8915 مترًا مربعًا. وفي عام 888 هجريًا، أضاف السلطان الأشرف قايتباي 120 مترًا مربعًا لتصبح المساحة الإجمالية 9035 مترًا مربعًا.
وفي الحقبة العثمانية، أمر السلطان عبد المجيد عام 1265 هجريًا بتوسعة جديدة رفعت مساحة المسجد إلى 10,328 مترًا مربعًا، مما يُظهر استمرار الاهتمام بتطوير هذا المعلم الديني الكبير عبر العصور.
الطفرة الكبرى في العصر السعودي.. من الملك عبد العزيز
شهد المسجد النبوي أكبر طفرة توسعية في تاريخه خلال العصر السعودي، حيث أطلق الملك عبد العزيز آل سعود عام 1372 هجريًا توسعة كبيرة رفعت المساحة إلى 16,352 مترًا مربعًا. ثم جاءت توسعة شاملة في عهد الملك فهد بن عبد العزيز شملت المسجد والساحات المحيطة، فبلغت الساحات الخارجية 235,000 متر مربع.
واستمرت النهضة في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أمر بتوسعة شرقية ضخمة، فوصلت مساحة الساحات إلى 365,000 متر مربع، ثم إلى أكثر من نصف مليون متر مربع في عام 143 هـ.

رؤية 2030.. مشروع طموح لاستيعاب مليوني مصلٍ
واليوم، تواصل المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز تنفيذ خطط توسعة طموحة للمسجد النبوي، بهدف استيعاب أكثر من مليوني مصلٍ، ضمن رؤية السعودية 2030 التي تولي اهتمامًا بالغًا بتطوير الحرمين الشريفين، وتحسين تجربة الزوار والحجاج والمعتمرين.
يظل المسجد النبوي ليس فقط مكانًا للصلاة والعبادة، بل منارة للعلم والحضارة الإسلامية، ومركزًا حيويًا تتجسد فيه روحانية الإسلام وتاريخه المجيد. ومن خلال التوسعات المتتابعة، يتجدد ارتباط المسلمين به في كل عصر، تأكيدًا على مكانته الخالدة في قلوبهم.