عاجل

بعد فقد أطفاله التسعة.. غزة تودع الطبيب حمدي النجار

الطبيب الشهيد حمدي
الطبيب الشهيد حمدي النجار

في مشهد مأساوي يعكس حجم المعاناة الإنسانية في قطاع غزة، استشهد الطبيب حمدي النجار متأثرًا بجراحه، عقب غارة إسرائيلية استهدفت منزله في خان يونس جنوبي القطاع، ليلتحق بأطفاله التسعة الذين قضوا في القصف ذاته قبل أيام. وتأتي هذه المأساة في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ أكثر من 20 شهرًا، الذي لم ينجُ منه حتى العاملون في القطاع الطبي.

قصة الطبيب حمدي النجار 

الطبيب حمدي النجار، الذي يعمل في مجمع ناصر الطبي، لم يكن سوى أحد أبطال غزة الذين واجهوا الحرب بصبر ومهنية. في مساء يوم الغارة، كان النجار في منزله برفقة أبنائه العشرة حينما استهدفت طائرات الاحتلال منزلهم، ما أسفر عن استشهاد 9 من أطفاله على الفور، فيما نجا طفل واحد بحالة حرجة، وأُصيب هو بجراح بالغة نُقل على إثرها إلى المستشفى.

تفاصيل الإصابة 

أوضح الدكتور عبد العزيز الفرا، رئيس قسم جراحة الصدر في المجمع، أن النجار خضع لعمليتين جراحيتين نتيجة نزيف حاد في البطن والصدر، فضلًا عن إصابات في الرأس. ورقد الطبيب في غرفة العناية المركزة، موصولًا بأجهزة التنفس، محاطًا بألم الفقد والجراح الجسدية.

وبينما كان جسده مغلفًا بالضمادات، وقف الفريق الطبي بجانبه متضرعين للشفاء، رغم إدراكهم لحجم الكارثة التي ألمّت به، إذ فقد أسرته أمام عينيه، ثم قاتل من أجل البقاء أيامًا قبل أن يلحق بهم.

إسرائيل تبرر الغارة

وأعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي مسؤوليته عن الغارة الجوية على خان يونس، مدعيًا أنه استهدف "مشتبهًا بهم" في مبنى قريب من قواته. وأشار إلى أنه وجه تحذيرًا للمدنيين قبل العملية، إلا أن الواقع يُظهر استهدافًا مباشرًا لعائلة مدنية.

وأفادت مصادر في وزارة الصحة بغزة، بأن الأطفال التسعة الذين استشهدوا تتراوح أعمارهم بين عام واحد و12 عامًا، وهو ما يعكس فداحة الخسائر البشرية لدى العائلات الفلسطينية.

الطبيبة آلاء النجار

في مأساة مضاعفة، كانت الطبيبة آلاء النجار، زوجة الشهيد حمدي النجار، تؤدي عملها في مستشفى التحرير التابع لمجمع ناصر، عندما استقبلت جثامين أطفالها التسعة الذين سقطوا إثر الغارة. لم تكن في المنزل وقت القصف، إذ كان زوجها قد أوصلها إلى المستشفى صباحًا، قبل أن يعود للمنزل ويتعرض للقصف الإسرائيلي.

وقالت تهاني النجار، شقيقة حمدي، إن آلاء دخلت المنزل بعد الغارة لتجد أبناءها وقد احترقت أجسادهم، مضيفةً: "ربنا اللي مقويها.. شافت ولادها محروقين، بس قالت: أولادي عند ربهم يُرزقون"

قطاع غزة
قطاع غزة

رسالة من غزة

وقال الدكتور منير البرش، المدير العام لوزارة الصحة بغزة: "ما تعيشه كوادرنا الطبية لا توصفه الكلمات، فليست الغارات تستهدف البنى التحتية فقط، بل تُمعن في تدمير الأرواح والعائلات كاملة. استشهاد عائلة النجار مثال صارخ على الجرائم التي تُرتكب بحق المدنيين".

قصة الطبيب حمدي النجار، ليست مجرد مأساة شخصية، بل تجسيد صارخ للنكبة المستمرة التي يعيشها الفلسطينيون في غزة. فبينما يُداوي الجراح نهارًا، يُدفن أحبابه ليلًا. وتبقى صورته، وهو يودع أبناءه واحدًا تلو الآخر، شاهدًا على مأساة لا تزال تتكرر في ظل صمت العالم.

تم نسخ الرابط