سمنة المراهقين تهدد صحة أبنائهم عبر تغييرات جينية خطيرة

في تحذير علمي جديد يكشف عن تأثيرات بعيدة المدى للسمنة في مرحلة المراهقة، أظهرت دراسة حديثة شارك فيها باحثون من جامعتي ساوثهامبتون البريطانية وبيرجن النرويجية، أن الفتيان الذين يعانون من زيادة مفرطة في الوزن خلال فترة المراهقة قد ينقلون آثار هذه السمنة إلى أبنائهم مستقبلًا، عبر تغييرات جينية مرتبطة بأمراض مزمنة مثل سمنة المراهقين والربو.
تأثير السمنة على الجينات الوراثية للأجيال القادمة
اعتمد الباحثون في دراستهم على تحليل بيانات الحمض النووي لأكثر من 339 زوجًا من الآباء وأبنائهم، وركزوا على شكل الجسم لدى الآباء خلال سنوات المراهقة، وكانت النتائج صادمة، حيث رُصدت تغييرات واضحة في أكثر من 1900 جين لدى الأبناء، ترتبط بعملية تكوين الخلايا الدهنية وتنظيم الأيض، ما يزيد من احتمالات إصابة هؤلاء الأبناء بمشاكل صحية تشمل السمنة المزمنة، أو سمنة المراهقين وضعف وظائف الرئة، والربو.
وربطت الدراسة بين هذه التغييرات الجينية وبين نمط حياة الأب خلال فترة المراهقة، مما يشير إلى أن الخيارات الصحية أو غير الصحية التي يتخذها المراهقون اليوم قد لا تؤثر عليهم فقط، بل تمتد تأثيراتها إلى أبنائهم في المستقبل.
تداعيات صحية تستدعي تدخلاً مبكرًا
وعلّقت البروفيسورة سيسيلي سفانيس، الباحثة المشاركة في الدراسة، قائلة: "تُظهر هذه النتائج أهمية التعامل الجاد مع سمنة المراهقين ، ليس فقط لحمايتهم شخصيًا، بل لحماية صحة الأجيال القادمة، فنحن لا نتحدث هنا عن مخاطر آنية، بل عن تأثيرات طويلة الأمد تنتقل عبر الجينات".
وحثّت سفانيس على ضرورة تطوير استراتيجيات تدخل مبكر، تشمل التوعية الصحية والتغذية السليمة والنشاط البدني، إلى جانب دعم نفسي واجتماعي للمراهقين الذين يعانون من اضطرابات الوزن، خاصة في المراحل العمرية الحرجة التي تتشكل فيها أنماط السلوك الغذائي ويظهر عليهم مايسمي بـ سمنة المراهقين.
أرقام مقلقة من بريطانيا تعكس خطورة الظاهرة
وتزامنت نتائج الدراسة مع بيانات صادرة عن هيئة الصحة الوطنية البريطانية (NHS)، أظهرت أن نحو ثلث الأطفال في إنجلترا، ممن تتراوح أعمارهم بين 11 و12 عامًا، يعانون من زيادة الوزن أو السمنة، وهي نسبة تشير إلى تفاقم الظاهرة بشكل يدعو للقلق.
في ظل هذه الأرقام، تكتسب نتائج الدراسة أهمية مضاعفة، إذ تقدم دليلًا علميًا جديدًا على أن التصدي للسمنة في سمنة المراهقين لا يتعلق فقط بالحاضر، بل هو استثمار مباشر في صحة المستقبل.