عاجل

دراسة جديدة: الفراولة سلاح طبيعي لتحسين المزاج في منتصف العمر

الفلافونويد.. المكوّن
الفلافونويد.. المكوّن السحري في الفراولة

في الوقت الذي تزداد فيه معدلات التوتر وتراجع التركيز والذاكرة بين البالغين في منتصف العمر، تكشف دراسة علمية حديثة عن حلّ بسيط ومفاجئ قد يكون في متناول الجميع: الفراولة.

فقد نشرت مجلة Nutrients المتخصصة في التغذية والصحة دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة سينسيناتي الأميركية، تؤكد أن تناول كوب واحد من الفراولة يوميًا يمكن أن يحسّن الذاكرة ويقلّل من مشاعر الاكتئاب لدى البالغين الذين يعانون من بداية تراجع إدراكي.

الدراسة تسلط الضوء على فوائد مركبات طبيعية موجودة في الفراولة، تعرف باسم الفلافونويدات، والتي ثبت أنها تؤثر بشكل إيجابي على الصحة الدماغية والنفسية، مما يفتح المجال أمام مقاربات جديدة لمكافحة الشيخوخة الإدراكية المبكرة من خلال التغذية.

ماذا حدث عندما تناول المشاركون الفراولة؟

تضمنت الدراسة 30 شخصًا تتراوح أعمارهم بين 50 و65 عامًا، جميعهم يعانون من زيادة الوزن وبعض العلامات الأولية لتراجع في الوظائف الذهنية، مثل النسيان وضعف الانتباه، وهي حالات تُعرف في الأوساط العلمية بـ"الضعف الإدراكي الخفيف".

تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى تناولت يوميًا مسحوق الفراولة المجففة بالتجميد، بجرعة تعادل كوبًا من الفراولة الطازجة.

المجموعة الثانية (الضابطة) تناولت مسحوقًا وهميًا (Placebo) لا يحتوي على المركبات النشطة الموجودة في الفراولة.

وبعد ثمانية أسابيع من الالتزام بالتجربة، خضع المشاركون لاختبارات متقدمة لقياس قدراتهم على التعلّم، والتذكّر، والانتباه، إضافة إلى تقييمات نفسية لقياس درجة الاكتئاب والقلق.

انخفاض في أعراض الاكتئاب

أظهرت نتائج الدراسة أن المجموعة التي تناولت الفراولة سجلت تحسنًا واضحًا في اختبارات الذاكرة اللفظية والتعلّم مقارنة بالمجموعة الضابطة. كما أبلغ المشاركون عن انخفاض في مشاعر اليأس والأعراض الاكتئابية، مما يشير إلى أن الفراولة لم تؤثر فقط على العمليات العقلية، بل كان لها دور في تحسين التوازن النفسي أيضًا.

ويعتقد الباحثون أن هذا التأثير ناتج عن تحفيز وظائف الدماغ وزيادة مرونته العصبية بفضل مركبات الفلافونويد، إلى جانب دعم المزاج عبر التأثير على كيمياء الدماغ المرتبطة بهرمونات السعادة مثل السيروتونين.

الفلافونويد.. المكوّن السحري في الفراولة

الفراولة غنية بمركبات الفلافونويد، وخاصة الأنثوسيانين، وهي مواد نباتية مضادة للأكسدة تُسهم في:

  • تقليل الالتهاب في أنسجة الدماغ.
  • تحسين تدفق الدم إلى المناطق المسؤولة عن التعلّم والتذكّر.
  • تنشيط المسارات العصبية التي تتحكم في الحالة المزاجية والذاكرة.

وتشير دراسات سابقة إلى أن تناول الفواكه الغنية بالفلافونويد مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض ألزهايمر والتدهور الإدراكي المرتبط بالتقدم في العمر.

الفراولة ضمن نظام غذائي متوازن لصحة العقل

لا تعتبر الفراولة الحل الوحيد، لكنها قد تكون جزءًا مهمًا من نظام غذائي متكامل يدعم الدماغ، خاصة عندما يُدمج مع عناصر غذائية أخرى أثبتت الدراسات فعاليتها في تحسين الذاكرة والمزاج، مثل:

  • الجوز: غني بأحماض أوميغا-3 الضرورية لصحة الدماغ.
  • التوت الأزرق: يحتوي على مضادات أكسدة تعزز التعلّم.
  • الأفوكادو: مصدر ممتاز للدهون الأحادية غير المشبعة المفيدة للدماغ.
  • البروكلي والسبانخ: غنيان بفيتامينات B وK ومضادات الالتهاب.
  • بذور اليقطين: غنية بالزنك والمغنيسيوم والحديد والنحاس، وهي معادن ضرورية للوظائف العصبية.

الفراولة كأداة وقائية وعلاجية؟

الدراسة لا تعني أن الفراولة وحدها كافية لعلاج التراجع الذهني أو الاكتئاب، لكنها تفتح الباب أمام استخدام الأغذية الطبيعية كأدوات وقائية ومساعدة ضمن استراتيجيات أوسع للحفاظ على الصحة الذهنية.

ويرى الباحثون أن الخطوة القادمة هي تنفيذ دراسات أكبر وعلى فترات زمنية أطول لفهم التأثير الكامل لمركبات الفراولة على الدماغ، وكيف يمكن استخدامها في الخطط الغذائية الوقائية، وربما في المستقبل ضمن برامج علاج مبكرة.


ثمرة بسيطة.. تأثير عميق

في عالم تتصاعد فيه معدلات التوتر وضغوط الحياة، تقدم الفراولة نفسها كخيار غذائي طبيعي، سهل، ولذيذ يُمكن أن يحمل بين طياته فوائد عظيمة للذاكرة والمزاج. وبينما ننتظر أبحاثًا إضافية لتأكيد الآليات والنتائج، لا يبدو من السيئ أبدًا أن نمنح عقولنا هدية صغيرة كل يوم: كوب من الفراولة الطازجة.

تم نسخ الرابط