عاجل

أم سهيلة.. كفاح وصبر على ضفاف النيل في بنها

على ضفاف النيل بمدينة بنها، تجلس "أم سهيلة" منذ ساعات الصباح الأولى وحتى ما بعد منتصف الليل، تواجه حرارة الشمس نهارًا وبرودة الجو ليلًا، في مشهد يومي يعكس أصدق صور الكفاح والصبر.

 لم تستسلم السيدة سعاد، المعروفة بين الشباب باسم "أم سهيلة"، لظروف الحياة القاسية بعد وفاة زوجها، بل قررت أن تكون السند والمصدر الوحيد لأمان ثلاث بنات لم تعرف لهن طريقًا سوى التعليم والستر.

يوميات الكفاح

تبدأ "أم سهيلة" يومها منذ العاشرة صباحًا على كورنيش النيل ببنها، حيث تدير مشروعًا بسيطًا قائمًا على تأجير أحذية الباتيناج وأدوات الترفيه للشباب بأسعار رمزية، ليس فقط بهدف الكسب، بل لإدخال البهجة على وجوههم. تقضي ساعات طويلة بين إعداد المعدات وتنظيفها وصيانتها بنفسها، في ظل تحديات لا تخفى على أحد، أهمها نظرات المجتمع والمضايقات التي تختار أمامها الصمت حفاظًا على رزقها وكرامة بناتها.

إصرار وشجاعة

ورغم المشقة التي تركت بصمتها على وجهها ويديها، فإن "أم سهيلة" لم تشتكِ، ولم تتوقف. تقول بكل ثقة وإصرار:
"أنا خرجت أشتغل بعد وفاة جوزي مش علشان أعيش وخلاص، لكن علشان أربي بناتي تربية محترمة، وده مش هييجي من غير تعب وصبر. الشغل عمره ما كان عيب، العيب إننا نقعد نستنى حد يصرف علينا. الست لازم تشتغل، وتربي، وتكافح بشرفها لحد آخر يوم في عمرها".

رمز للبهجة

ورغم قسوة الحياة، زرعت "أم سهيلة" في قلوب من حولها محبة صادقة، فصارت رمزًا للبهجة على الكورنيش. يحكي الأطفال عنها بفخر، ويحرصون على زيارتها يوميًا، ليس فقط من أجل اللعب، بل لما تمثله من حنان الأمومة وصدق التعامل. كثير من الفتيات يتخذنها قدوة، وكثير من الشباب يكنّون لها احترامًا خاصًا ويعتبرونها "أمهم الثانية".

رسالة من الحياة

قصة "أم سهيلة" ليست مجرد حكاية كفاح، بل رسالة حية لكل من يظن أن الحياة تتوقف عند المصاعب. امرأة بسيطة، صنعت من الشارع مكانًا للرزق، ومن الصبر طريقًا للكرامة، ومن التضحية أسلوب حياة.

نموذج للمرأة المصرية

وفي زمن تراجعت فيه كثير من القيم، تبقى "أم سهيلة" نموذجًا حيًا للمرأة المصرية التي لا تعرف الاستسلام، بل تزرع الأمل كل يوم على رصيف كورنيش لا تعرف فيه سوى الشقاء والكرامة.

تم نسخ الرابط