في ذكرى وفاته.. رفاعة الطهطاوي رائد التنوير الذي سبق عصره

أحيت القناة الأولى والفضائية المصرية ذكرى وفاة رفاعة الطهطاوي، أحد أبرز رموز التنوير وقادة النهضة العلمية والثقافية في مصر الحديثة، والذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم عام 1873 عن عمر ناهز 72 عامًا.
ذكرى وفاة رفاعة الطهطاوي
ولد الطهطاوي في مدينة طهطا بمحافظة سوهاج، ونشأ في أسرة دينية، حيث حفظ القرآن الكريم ودرس الفقه والنحو في سن مبكرة، قبل أن يلتحق بالأزهر الشريف في السادسة عشرة من عمره ، وبرز خلال مسيرته كأول إمام للبعثة التعليمية إلى باريس، حيث تشكل وعيه الثقافي والفكري.
ساهم الطهطاوي في تأسيس مدرسة الألسن عام 1835، أول مدرسة لتعليم اللغات في مصر، وشارك في حركة الترجمة التي أسست لنهضة معرفية غير مسبوقة كما يعد أول من حول "جريدة الوقائع المصرية" من اللغة التركية إلى العربية، وأول مترجم مصري في مدارس الطب والعلوم الهندسية.
تحديات سياسية
واجه الطهطاوي ، تحديات سياسية في عهد الخديوي عباس الأول، حيث نُفي إلى السودان وأُغلقت مدرسة الألسن، لكنه واصل مسيرته الإصلاحية حتى عودته في عهد سعيد باشا، ليكمل مشروعه الحضاري في مجالات التعليم والثقافة.
من أبرز إنجازاته تأسيس أول متحف للآثار في مصر، واستصدار قرار بتدريس العلوم والمعارف باللغة العربية، لترسيخ الهوية الوطنية.
رحل الطهطاوي، لكن أفكاره وكلماته لا تزال تلهم الأجيال، وتُعد مصدر إشعاع ثقافي حتى اليوم.
يُعد رفاعة الطهطاوي ، من أبرز رواد حركة التنوير في مصر الحديثة، حيث جاء مشروعه الفكري في لحظة فارقة بعد قرون من الجمود العقلي الذي خيّم على الحياة الثقافية خلال العصور المملوكية والعثمانية ، أسهم الطهطاوي في كسر هذا الجمود من خلال تفاعله مع الفكر الغربي المستنير أثناء بعثته التعليمية إلى فرنسا، التي أرسلها محمد علي باشا في إطار مساعيه لبناء دولة حديثة.
لم يكتف الطهطاوي بأداء دوره كواعظ للبعثة، بل انغمس في دراسة المجتمع الفرنسي وأفكاره السياسية والاجتماعية، متأثرًا بنتاج فلاسفة مثل جان جاك روسو ونظريته حول العقد الاجتماعي. وبعد عودته، أسس مدرسة الألسن التي لعبت دورًا محوريًا في حركة الترجمة ونقل المعارف إلى مصر، ما أسهم في تطوير الفكر العلمي والثقافي الوطني.
وكان للطهطاوي مؤلفات بارزة مثل "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، حيث وثق فيه مشاهداته وتحليلاته لفرنسا، مقدّمًا رؤية نقدية للواقع المصري. كما تناول في كتاباته مفاهيم متقدمة مثل الحرية، والمساواة، و"المنافع العمومية" التي تُعد نواة لمفهوم المواطنة في الدولة الحديثة.
لقد مثّل الطهطاوي حجر الأساس في مشروع محمد علي لبناء دولة عصرية، وكان لجُهده الفكري بالغ الأثر في إعادة ربط مصر بمسار الحضارة العالمية من جديد.