وجبة حارة تنقص الوزن الزائد دون مجهود .. ما السبب ؟

في تطور لافت على صعيد العلاقة بين نوعية الطعام وسلوك الأكل، كشفت دراسة علمية حديثة نُشرت في مجلة Food Quality and Preference أن تناول وجبة غداء حارة خلال وجبة الغداء قد يُسهم في خفض كميات الطعام المستهلكة، وبالتالي يُساعد على التحكم في الوزن بشكل غير مباشر ولكن فعّال.
ووفقًا للباحثين، فإن المذاق الحار للطعام، خاصة عند استخدام مكونات مثل الفلفل الحار، يؤدي إلى إحساس فوري يُعرف علميًا بـ"الاحتراق الفموي"، وهو ما يُحفّز الشخص على تناول وجبة غداء حارة بوتيرة أبطأ، ما يمنح الدماغ وقتًا كافيًا لاستيعاب الشعور بالشبع.
تجربة علمية تكشف التأثير المباشر
الدراسة أُجريت في جامعة ولاية بنسلفانيا الأميركية، وشارك فيها 130 شخصًا جرى تقسيمهم لتناول نوعين من الأطعمة: أطباق معتدلة الحدة وأخرى تحتوي على بهارات حارة بنسب ملحوظة، النتائج كانت لافتة:
- المشاركون تناولوا 11% أقل من لحم البقر الحار مقارنة بالنسخة المعتدلة.
- أما بالنسبة لأطباق دجاج التيكا الحار، فقد كان الانخفاض في الكمية المستهلكة أكثر وضوحًا، حيث بلغ 18%.
وقالت الباحثة الرئيسية في الدراسة، الدكتورة بايج كانينغهام، إن السبب الرئيسي في تراجع كمية الأكل ليس النفور من النكهة أو زيادة استهلاك الماء كما يُعتقد، بل التباطؤ الطبيعي في وتيرة الأكل الناتج عن الشعور بالحرارة في الفم.
هل الطعام الحار يساعد فعلاً على خسارة الوزن؟
رغم أن الدراسة لم ترصد تأثيرًا مباشرًا للأطعمة الحارّة على خسارة الوزن أو تراجع مؤشر كتلة الجسم، فإنها تفتح المجال أمام فرضية مهمة:
إذا قلّت السعرات المستهلكة في كل وجبة بشكل منتظم، فإن ذلك قد يؤدي تدريجيًا إلى فقدان الوزن وتحسين الصحة الأيضية.
ويُعد هذا الاكتشاف مهمًا للأشخاص الذين يسعون لإنقاص وزنهم دون الحاجة إلى تغييرات جذرية أو حرمان نفسي، إذ يكفي تعديل نكهة الوجبة لتقليل الكمية، ومن ثم تقليص السعرات اليومية.
"منطقة جولديلوكس" للحدة: التوازن هو السر
من المثير أن الدراسة توصّلت إلى ما يُعرف باسم "منطقة جولديلوكس للحدة"، وهي النسبة المثالية لحرارة الأطعمة التي تُحقّق التأثير المطلوب دون أن تكون مزعجة أو مؤلمة للمستهلك.
وقدّر الباحثون هذه المنطقة بين 54 إلى 68 نقطة من أصل 100 على مقياس شدة النكهة، ومع ذلك، تختلف هذه النسبة من شخص لآخر تبعًا للتعوّد والحساسية تجاه التوابل.
فعلى سبيل المثال، يرى البعض أن أطباق مثل مدراس أو فيندالو تقع في النطاق المقبول، بينما يُفضّل آخرون نكهات أخف مثل كورما أو باساندا.
هل التوابل الأخرى تؤدي نفس الدور؟
الدراسة ركّزت بشكل أساسي على الفلفل الأحمر والبابريكا لاحتوائهما على مركب الكابسيسين، الذي يُعد المسؤول عن الإحساس الحار في الفمأثناء تناول وجبة غداء حارة
لكن الباحثين أشاروا إلى أن هناك توابل أخرى مثل:
- الوسابي
- الخردل
- الثوم
- الفجل
قد تملك تأثيرًا مشابهًا في تقليل سرعة الأكل وزيادة الشعور بالشبع، ما يدعو إلى مزيد من الأبحاث لاستكشاف فوائدها المحتملة في مجال التحكم بالشهية وإدارة الوزن.
مذاق حار.. لصحة أفضل؟
هذه الدراسة تُسلّط الضوء على حقيقة أن النكهة لا تُؤثر فقط على المتعة، بل على السلوك الغذائي، فبدلاً من اللجوء إلى أنظمة حرمان قاسية أو حميات مملة، قد تكون إضافة القليل من الفلفل الحار إلى وجبتك خطوة صغيرة تُحدث فارقًا كبيرًا في المدى البعيد.