سلمى الشماع.. سيدة "زووم" التي صنعت ذاكرة التليفزيون وقلوب المشاهدين

رحلة إعلامية طويلة قطعتها "سلمى الشماع" من الأهرام إلى شاشة "أون تي في"، حيث بقيت على مدار عقود وجهًا محببًا وذاكرة لا تُنسى في قلوب الجمهور، في أمسية دافئة احتضنتها دار الأوبرا المصرية، وتحديدًا مركز الإبداع الفني، حيث نظّمت الهيئة الوطنية للإعلام احتفالية خاصة لتكريم الإعلامية الكبيرة سلمى الشماع.
التكريم جاء من إدارة الإنتاج المتميز بقطاع النيل للقنوات المتخصصة، ليحمل طابعًا شخصيًا مميزًا، جمع الزملاء والأبناء، كما قالت الشماع نفسها: "هذا التكريم مختلف، لأن فيه الناس اللي بحبهم، أصدقائي وأولادي اللي حرصوا يوثقوا لحظة مهمة في حياتي".

من هي سلمي الشماع؟
بدأت سلمى الشماع حياتها المهنية كصحفية في جريدة الأهرام بعد تخرجها من كلية الآداب قسم الصحافة عام 1971، لكن شغفها بالصورة والصوت قادها سريعًا إلى التلفزيون، أول ظهور لها كان في برنامج "النادي الدولي" إلى جانب سمير صبري وفريدة الزمر، لتبدأ بعدها رحلة طويلة من التألق خلف الميكروفون وأمام الكاميرا.
سيدة "زووم" وكاشفة الكواليس
برنامج زوووم الذي قدمته سلمى في الثمانينيات والتسعينيات، لم يكن مجرد برنامج منوعات، بل فتح أبواب الكواليس أمام الجمهور، فعرّفهم على خفايا الأعمال الفنية، وقرّبهم من صنّاعها، ولعلّ سرّ نجاح البرنامج وبقائه في ذاكرة الجمهور حتى اليوم، هو أسلوب سلمى العفوي، واهتمامها بالتفاصيل، وقدرتها على منح كل ضيف مساحة حقيقية للتعبير.

ذاكرة السينما.. وعالم الجاز
لم يكن "زوووم" وحده أيقونة مسيرتها، فقد قدمت أيضًا برامج مثل "كشكول"، و"ذاكرة السينما"، و"عالم الجاز"، و"المزيكا للجميع"، وبرنامج "مع سلمى" الذي عرض على قناة OnTV ، والذي يستعيد روح البرامج القديمة لكن بروح الزمن الحالي.
رئيسة قناة ومكتشفة نجوم
في أواخر التسعينيات، تولت الشماع رئاسة قناة النيل للمنوعات (التي أصبحت لاحقًا نايل لايف)، وقدمت خلال هذه الفترة طفرة حقيقية رفعت من نسب المشاهدة، وفتحت الباب أمام مواهب شابة في بداية طريقها، مثل تامر حسني، محمد حماقي، هيثم شاكر، بسمة، والمذيعة مها بهنسي، كان لديها دومًا عين تبحث عن المختلف، وأذن تلتقط النغمة الصادقة.

مونت كارلو والحنين للإذاعة
ما لا يعرفه كثيرون أن سلمى الشماع عملت أيضًا في إذاعة "مونت كارلو" لعدة سنوات، وكانت مسؤولة عن الفترة المسائية، وهناك طوّرت من مهاراتها الصوتية واللغوية، وهي تجربة أثّرت في طريقتها المميزة في التقديم.
الوجه الذي لم يغادر القلب
رغم مرور السنوات وتغير الأجيال، ظلّت سلمى الشماع تحمل نفس البريق ونبرة الصوت المألوفة التي تربّى عليها جيل كامل، لا تبحث عن الأضواء، لكنها دومًا حاضرة في ذاكرة من عرفوها، ليس فقط كمذيعة، بل كامرأة تحترم جمهورها وتؤمن بقيمة الكلمة والصورة.
تكريم سلمى الشماع لم يكن فقط لحظة احتفال بمسيرة إعلامية، بل كان احتفالًا بإرث إنساني وثقافي تركته خلفها على الشاشة، إنها صوت من الزمن الجميل، لا يزال يتردد في قلوبنا كلما رأينا صورة قديمة أو سمعنا موسيقى برنامجها الأشهر، وربما هذا هو معنى الخلود في الإعلام: أن تظل حيًا في ذاكرة الناس، حتى بعد أن تُطفأ الكاميرات.