هل يجوز التصدق بكامل الأضحية دون أكلٍ منها؟ دار الإفتاء توضح

مع قرب حلول عيد الأضحى المبارك، تكثر الأسئلة الشرعية المتعلقة بشعائر الأضحية، ومن أبرزها ما يتعلق بحكم التصدق بكامل الأضحية دون أكلٍ منها، وهو ما يفعله بعض المسلمين رغبة في نيل أجر أكبر أو رغبة في مساعدة الفقراء
الأكل من الأضحية ليس واجبًا بل هو مباح عند جمهور العلماء؛ لحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وغيره عند الشيخين -واللفظ لمسلم- لما قَالُوا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم: نَهَيْتَ أَنْ تُؤْكَلَ لُحُومُ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَقَالَ: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ -وهم الواردون على المدينة من ضعفاء الأعراب حتى يكثر الناس من التصدق عليهم باللحم مواساة لهم-، فَكُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا»، وغير ذلك من الأحاديث؛ حيث حمل الجمهور هذه الأوامر على الندب أو الإباحة؛ لورودها بعد الحظر.
ويمكن أن يحتج لهم أيضًا بما رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه واللفظ له عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ لُحُومِ الأَضَاحِي فَوْقَ ثَلَاثٍ لِيَتَّسِعَ ذُو الطَّوْلِ عَلَى مَنْ لَا طَوْلَ لَهُ، فَكُلُوا مَا بَدَا لَكُمْ وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا» فإن تعليق الأمر على الاختيار من القرائن الصارفة له عن الوجوب.
وبناءً على ما سبق: فإنه يجوز التصدق بالأضحية كاملة دون أكلٍ منها.

تعريف الأضحية
الأضحية في اللغة: مشتقة من الضحوة، وتطلق على ما يذبح من الأضاحي؛ حيث سميت بأول زمان فعلها وهو الضحى، وتضم همزتها وتكسر، وفيها لغات أخرى. ينظر: "المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للفيومي
والأضحية في اصطلاح الفقهاء هي: اسم لما يذبح من النَّعم تقربًا إلى الله تعالى من يوم العيد إلى آخر أيام التشريق. يُنظر: "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" للخطيب الشربيني
والنَّعم هي: الإبل والبقر -وتشمل الجواميس- والغنم -وتشمل الضأن والماعز-، فلا تصح الأضحية إلَّا من هذه الأجناس الثلاثة؛ لقوله تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ﴾ [الحج: 34].
حكم الأضحية
اختلف الفقهاء في حكم الأضحية، فذهب الجمهور إلى أنها سنة مؤكدة، وذهب الحنفيَّة إلى وجوبها على المقيم المستطيع، واستثنَى المالكيَّة الحاج والمعتمر ومَن فاته الحج بعد إحرامه به إذا تحلل منه بفعل عمرةٍ قبل مُضي أيام النحر، فقالوا بعدم مشروعيتها لهم، وهو المشهور في المذهب. يُنظر: "الهداية في شرح بداية المبتدي" للمَرْغِينَانِي الحنفي ، و"حاشية الباجوري الشافعي على ابن القاسم" ، و"حاشية العدوي المالكي على كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني" (1/ 566، ط. دار الفكر)، و"الروض المربع بشرح زاد المستقنع" للبُهُوتِي الحنبلي .