عاجل

ميل مباني الإسكندرية.. خبراء يحذرون من كارثة محتملة |خاص

عقارات الإسكندرية
عقارات الإسكندرية

شهدت الفترة الأخيرة، ميل المباني الجديدة في محافظة الإسكندرية، ما أثار العديد من التساؤلات حول أسباب هذه الظاهرة، وكيف يُمكن معالجته خوفًا من حدوث كارثة وتفاقم الأمور؟.

وكان عالم الفضاء بوكالة ناسا الأمريكية، عصام حجي، قد نشر عبر حسابه على "إكس"، مقطع فيديو يُظهر ميل المباني، وقال: "ميول المباني الجديدة في الإسكندرية يوضح أن المشكلة ليست فقط في إعمار المباني والصيانة، وإنما أيضًا في حركة المياه الجوفية كأحد نتائج التغير المناخي التي تسبب تآكل الأساسات وزعزعتها".

أسباب ميل المباني 

ويؤكد اللواء الدكتور رضا فرحات، محافظ الإسكندرية السابق، نائب رئيس حزب المؤتمر، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن هذا الأمر ليس ظاهرة وليس متكرر في الإسكندرية، مضيفًا: "في خلال الخمس سنوات الماضية حصل 3 أو 4 حالات، لذلك لا يُمكن أن نعتبره ظاهرة".

السبب الأول

وتحدث محافظ الإسكندرية السابق عن أسباب ميل المباني، قائلًا: "أول سبب لذلك، هو العمارات التي أُنشأت في فترة كان يحدث فيها مخالفات في المباني، وطلعت بارتفاعات كبيرة في عمارات 15 و16 و17 دور بالمخالفة وكانت بتنشأ بسرعة فأحيانًا مبتبقاش واخدة الوقت الكافي إن الخرسانات تاخد وقتها الهندسي حتى تستحمل الصب للدور التالي، كل دور بيحتاج فترة من 15 لـ20 يومًا أو شهر لكن دي كانت بتتبني بسرعة حتى لا يتم رصد المخالفة من الجهات المعنية".

وأضاف "فرحات": "في عمارات 4 أو 5 أدوار وتم التعلية عليها، والأساسات فيها بدون دراسات والتأكد من أنها تستحمل التعلية، ولذلك فظاهرة الميل تحدث في العمارات المخالفة، لكن طبعًا المباني اللي واخدة رخصة وواخدة وقتها وطالعة معدة تستحمل الارتفاعات المسموح بها قلما ما يحدث فيها ميل".

السبب الثاني

السبب الثاني الذي قد يؤدي إلى ميل المباني حسبما صرح نائب رئيس حزب المؤتمر هو أن إعداد التربة نفسه لم يتم بطريقة هندسية خاصة إن الإسكندرية الأرض فيها متأثرة بالبحر والمياه الجوفية تحتاج إلى الإعداد الهندسي في التربية والخرسانة وقواعد الصب الخرسانية وتسوية الأرض قبل المباني؟

هدم عمارات مجاورة

وأشار إلى أن "في بعض الحالات يحدث ميل في المباني، نتيجة أن عمارة مجاورة يتم هدمها وإعادة بناءها الأساسيات بتاعتها اللي بيشتغل مش بيراعي لشئون الهندسية في التعامل مع العمارات المجاورة لقطعة الأرض التي يُعاد بناءها فيحدث هبوط في التربية ما يؤدي إلى حدوث ميل في أحد جوانب العمارة أو أحد الأعمدة".

مشكلة الإعمار والصيانة

من جانبه، أكد الدكتور وفيق نصير عضو البرلمان العالمي للبيئة، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، بأن أسباب ميل المباني الجديدة في الإسكندرية، متعددة وتتداخل فيها عوامل تتعلق بالبناء والصيانة مع عوامل بيئية مرتبطة بالتغيرات المناخية وحركة المياه الجوفية.

وأكد أن هناك عدد كبير من المباني في الإسكندرية يعاني من مخالفات بناء، وعدم الالتزام بالمواصفات الفنية، ما يؤدي إلى ضعف في الأساسات والهياكل الإنشائية، وهذا سبب رئيسي في ميول وانهيار بعض المباني.

وأضاف أن هناك مباني تعاني من ضعف الصيانة الدورية، خاصة القديمة منها التي يزيد عمرها على 50 عاماً، ما يؤدي إلى تآكل الحديد وزيادة احتمالات سقوط الشرفات وجزء من المباني، حيث أن الرطوبة العالية في المدينة تسرع من هذه الظاهرة، مؤكدًا أن هناك مئات المباني التي صدرت بحقها قرارات إزالة، ويرفض السكان مغادرتها، ما يزيد من خطورة الوضع ويعقد جهود الإخلاء والصيانة.

المياه الجوفية  

وأوضح "نصير" أن تأثير حركة المياه الجوفية وارتفاع منسوب سطح البحر بسبب التغيرات المناخية أدى إلى زيادة تسرب مياه البحر المالحة إلى طبقات التربة والمياه الجوفية الساحلية، ما يسبب تآكل الأساسات وعدم استقرار التربة التي تقوم عليها المباني، فتآكل الشواطئ والسواحل بسبب التغير المناخي والتوسع العمراني غير المنضبط يؤدي إلى اختلال في الرواسب والتربة، وبالتالي ضعف في دعم المباني، ما يسرع من ميل وانهيار المباني الساحلية.

التغيرات المناخية

وشدد على أن الدراسات الحديثة تشير إلى أن انهيار المباني يرتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغيرات المناخية وارتفاع منسوب المياه الجوفية، وهو عامل بيئي مهم لا يمكن تجاهله بجانب عوامل البناء والصيانة.

ولخص الدكتور "نصير" حديثه، في أن ميول المباني الجديدة في الإسكندرية ليست مشكلة واحدة فقط، بل هي نتيجة تداخل بين: ضعف الإعمار، مخالفات البناء، وعدم الالتزام بالصيانة الدورية، بالإضافة إلى تآكل الأساسات الناتج عن ارتفاع مستوى سطح البحر وتسرب مياه البحر المالحة إلى التربة والمياه الجوفية، وهو أحد نتائج التغير المناخي.

تراخي المحليات

وفي السياق ذاته، أشار المهندس كريم الكسار، أمين العام المساعد لنقابة المهندسين المصرية، في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، إلى أن السبب الجوهري في تكرار كوارث انهيارات المباني داخل الإسكندرية يعود إلى عدم تفعيل المحليات لقرارات الإزالة أو الترميم الصادرة بحق المباني المخالفة أو الآيلة للسقوط، موضحا أن "هذا التراخي سيظل الخطر الأكبر والقنبلة الموقوتة التي تهدد أرواح الآلاف في المدينة الساحلية".

وواصل الكسار: "الإسكندرية تضم أكثر من 6 آلاف عقار خطر، بينها 160 عقارًا مائلًا، بالإضافة إلى 133 ألف عقار مخالف صدرت بشأنها قرارات إزالة، مشيرًا إلى أن عدد قرارات الإزالة الفعلية خلال السنوات الماضية بلغ أكثر من 5 آلاف قرار لم ينفذ معظمها".

سقوط 43 عقار

وأكد أن مدينة الإسكندرية شهدت خلال الـ16 شهرا الماضية سقوط 43 عقارًا، ما بين انهيار كلي وجزئي، أو حتى انهيارات شرفات، وبلغ عدد الضحايا 32 وفاة و37 مصابًا، في ظل واقع يؤكد أن أغلب هذه الحوادث كانت بسبب مبانٍ قديمة غير مرخصة أو مبانٍ صدرت بحقها قرارات إزالة لم تنفذ.

حل الأزمة 

وبشأن حل الأزمة، قال اللواء الدكتور رضا فرحات: "بعض الحالات يتم معالجتها هندسيًا عن طريق لجنة هندسية تخرج للمعاينة ايه الوضع الهندسي وإذا كان ممكن عمل سندات للأعمدة أو حقن التربية للحفاظ على نسبة الميل وأحيانً يتم متابعة الميل بطرق هندسية لمعرفة زيادته من عدمها أو ثبت ويستحمل، وممكن تفضل العمارة مايلة 2 أو 3 سم إذا كان غير مؤثر على شكل العمارة نفسها أو لم تمل على عمارة مجاورة لها".

واستكمل محافظ الإسكندرية السابق تصريحاته قائلًا: "أما إذا كان حدث ميل على عمارة مجاورة هنا يحدث صدور قرارات تنكيس بعض الأدوار أو إزالة بعض الأدوار لتخفيف الحمل على القواعد الخرسانية والتربية بيتم إخلاءها من السكان إذا كانت ساكنة ويتم إزالتهم أو إزالة المبنى بالكامل إذا كان في خطر".

معالجة الحلول

ويتفق الدكتور وفيق نصير في الرأي مع "فرحات"، وأكد أن الحلول تحتاج إلى معالجة تشمل تحسين جودة البناء والصيانة، بالإضافة إلى إدارة فعالة للتحديات البيئية المرتبطة بالتغير المناخي وحركة المياه الجوفية في المدينة الساحلية.

 كما أشاد عضو البرلمان العالمي للبيئة في ختام حديثه بجهود الدولة في توسيع طريق الكورنيش وعمل الحماية للشواطئ، ما يبعد الخطر بعض الشيء عن المباني ويسهل الطريق ما يخفض من الاهتزازات والتلوث.

تم نسخ الرابط