احتضن مريت أمون.. الجاولي يروي قصة أكبر تابوت فرعوني صنع من خشب الجميز بالمنيا
تنبض الأرض بتاريخ عريق يحمل بين طياته أسرار الحضارة المصرية القديمة، ففي قلب محافظة المنيا، وعلى ضفاف النيل الخالد، وبين هذه الأسرار، تبرز قصة فريدة لأكبر تابوت فرعوني تم صنعه من خشب الجميز، والذي احتضن شكل الأميرة أحمس مريت آمون، الابنة الكبرى للملك أحمس الأول، مؤسس الأسرة الثامنة عشرة.
هذا التابوت المهيب، الذي يبلغ طوله حوالي مترين ونصف، يروي حكاية أميرة عاشت في عصر ذهبي، وشهدت لحظات حاسمة في تاريخ مصر القديمة، ويكشف لنا الدكتور جرجس الجاولي، أستاذ النحت ورئيس القسم السابق بكلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، تفاصيل هذه القصة المذهلة ومراحل صنع هذا التابوت الفرعوني في السطور التالية.
التابوت الفرعوني تحفة فنية
يقول الجاولي لـ«نيوز رووم»، إن هذا التابوت استغرق منه شهرًا كاملاً من العمل المتواصل، ويبلغ طوله 2.5 متر، وتم نحته من خشب الجميز الذي يتميز بقوته وصلابته، مما يجعله مشابهًا للعديد من توابيت الفراعنة الأصلية، تم تفريغ التابوت من الداخل على جزئين، وهو نموذج طبق الأصل لتابوت شخصية "أحمس مريت آمون"، التي كان لها دور عظيم في النضال وتحرير مصر من الهكسوس، والتابوت الأصلي الخاص بها موجود في المتحف المصري، يؤكد الجاولي أن هدفه من هذا العمل هو الحفاظ على التراث وإعادة إحياء هذه القطع الفنية القيمة.
عشق الفن الفرعوني ومسيرة وإلهام
يعبر الدكتور الجاولي، عن عشقه الشديد للفن الفرعوني، قائلاً: "أنا بعشق الفرعوني وبعتبر نفسي منهم لدرجة إني قلدت المئات من القطع الفرعونية الشهيرة، وقمت منذ تسعينات القرن الماضي بتقليد قطع مقبرة توت عنخ آمون بالكامل، وكذلك مقبرة تويا ويويا، ومجموعة حتشبسوت ومجموعة أمنحتب الثالث، وغيرها وفي منزلي أحب العيش معهم".
تأثر وانبهار بالمتحف المصري
ويستكمل الجاولي حديثه مشيرًا إلى دهشته بالمتحف المصري ومحتوياته في فترة شبابه، حيث كان يقوم بزيارات شبه يومية كطالب، ويدرس ويقرأ الأشكال والمنحوتات هناك، إلى أن قرر العمل في هذا المجال، حتى أن أعماله الحديثة مستوحاة من المصري القديم.
أعمال فنية بارزة
يؤكد صاحب أكبر تابوت فرعوني من خشب الجميز بالمنيا، أنه حافظ على ألوان الأزرق والبني الموجودة في التابوت الحقيقي، وكذلك عدد الفراغات والوحدات الزخرفية وحجمها، مما أكسب العمل غنى فنيًا كبيرًا، وعن أشهر أعماله، يذكر الجاولي استكماله لتمثال ميريت آمون من خامة الجرانيت في الزقازيق، والذي كان طوله 9 أمتار ومفقود منه جزء بطول 3 أمتار، ويعتز كثيرًا بالمجموعات الكاملة التي قلدها للمقابر الأثرية الشهيرة، وعلى رأسها مجموعة الملك توت عنخ آمون، فضلاً عن تمثال السيدة العذراء من البرونز الذي يعد أكبر تماثيل مصر والشرق الأوسط.
أحلام مستقبلية
اختتم الجاولي حديثه معبرًا عن حلمه لمحافظة المنيا، قائلاً: "المنيا بيئة خصبة للفن ونتذكر منهم شيخ النحاتين الفنان عبدالبديع عبدالحي، ونرى كل عام عشرات الشباب المتميزين في مجال النحت، فتلك المحافظة غنية بالأعمال الفنية المنحوتة، ولذلك أحلم بأن نرى قرية ثقافية فنية تستوعب أعمال الشباب، وقمت في السابق باقتراح لنقيب الفنانين التشكيليين لعمل قرية للفنانين، ونتمنى تدعيم الفن واستثمار طاقات الفنانين الذي يمثل رسالة ومصدر دخل كذلك للدولة والفنانين".
