عاجل

جين SHOX.. السر الجيني وراء فارق الطول بين الرجال والنساء

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

رغم أن الفارق في الطول بين الرجال والنساء يعتبر من الحقائق البيولوجية المعروفة منذ زمن طويل، إلا أن الأسباب الدقيقة وراء هذا التفاوت لم تكن مفهومة تمامًا. 

ومع أن العوامل الهرمونية والبيئية ظلت تُطرح على الدوام كعوامل محتملة، إلا أن دراسة علمية جديدة نُشرت في مجلة PNAS الأمريكية المرموقة، كشفت عن دور جيني خفي قد يكون مسؤولًا بدرجة كبيرة عن هذا الفارق.

توصّلت الدراسة إلى أن الجين المعروف باسم SHOX، والذي يوجد على الكروموسومات الجنسية X وY، يمتلك تأثيرًا غير متكافئ بين الجنسين في ما يتعلق بتحفيز النمو الطولي. 

وعلى الرغم من وجود هذا الجين لدى الرجال والنساء، إلا أن طريقة توزيعه على الكروموسومات تؤدي إلى نتائج مختلفة.

تركيبة الكروموسومات وتأثيرها في الطول

الرجال يمتلكون كروموسومًا جنسيًا من نوع X وآخر من نوع Y، بينما تمتلك النساء نسختين من كروموسوم X. وقد ركّز الباحثون على دراسة ما إذا كان موقع جين SHOX – سواء على الكروموسوم X أو Y – يؤثر على فاعليته في تحديد طول القامة.

ولتحقيق ذلك، حلّل فريق البحث بيانات وراثية ضخمة جُمعت من نحو مليون شخص، عبر ثلاث قواعد بيانات جينية من المملكة المتحدة والولايات المتحدة. ومن بين هؤلاء، حددوا 1225 شخصًا يعانون من حالات نادرة مثل امتلاك نسخة إضافية من الكروموسوم X أو Y، أو فقدان أحد الكروموسومات الجنسية، وهي حالات تسمح للعلماء برصد تأثير التغيّرات الجينية بشكل دقيق.

كروموسوم Y يعزّز الطول

أظهرت النتائج أن الأشخاص الذين لديهم كروموسوم Y إضافي كانوا أطول من أولئك الذين لديهم كروموسوم X إضافي. 

وهو ما يعني أن نسخة الجين SHOX الموجودة على الكروموسوم Y تلعب دورًا أقوى في تعزيز النمو، مقارنةً بتلك الموجودة على الكروموسوم X.

وقد فسّر الباحثون هذه النتيجة بأن تأثير SHOX لا يرتبط فقط بوجوده، بل أيضًا بموقعه؛ حيث يبدو أن تفعيله على الكروموسوم Y يمنحه قدرة أكبر على تحفيز النمو الطولي، مما يعزز تفسير الفارق المتوسط في الطول بين الرجال والنساء.

ارتباط SHOX بمتلازمات وراثية

ربطت الدراسة أيضًا بين اختلالات في جين SHOX وحالات طبية معروفة، مثل متلازمة X المفرد، والتي تحدث عندما تكون لدى المرأة نسخة واحدة فقط من كروموسوم X. 

وغالبًا ما تؤدي هذه الحالة إلى قصر القامة، ومشكلات في النمو، ما يعكس أهمية هذا الجين في تحديد الخصائص الجسدية الأساسية.

نحو فهم أعمق للفروق البيولوجية

تُعد هذه الدراسة واحدة من أوسع التحليلات الجينية التي تناولت الفرق بين الجنسين من منظور بيولوجي، وهي تسلط الضوء على مدى تعقيد التفاعل بين الجينات والكروموسومات. 

كما تؤكد أن الفروق الجسدية بين الذكور والإناث لا يمكن تفسيرها فقط بالهرمونات أو البيئة، بل تشمل أيضًا تفاعلات دقيقة على المستوى الجيني.

ويأمل العلماء أن يمهّد هذا البحث الطريق نحو تطوير أدوات تشخيصية وعلاجية في المستقبل، يمكن أن تساعد في التعامل مع اضطرابات النمو، خصوصًا تلك المرتبطة بجينات مثل SHOX. 

كما تُعيد هذه النتائج فتح باب النقاش العلمي حول دور الجينات في تشكيل الفروق بين الجنسين، في وقت تتزايد فيه أهمية الطب الدقيق وفهم الخصائص الفردية من خلال الجينات.

تم نسخ الرابط