«فخ المنتجات الصحية»…دراسة صادمة تكشف احتواء بعضها مواد سامة |اعرف التفاصيل

مع تزايد الإقبال العالمي على الأطعمة المصنّفة كـ"منتجات صحية" خالية من الجلوتين، صدرت تحذيرات من الرصاص والمعادن السامة تقلب هذه الصورة رأسًا على عقب.
فقد كشف تحقيق استقصائي أجرته منظمة «تقارير المستهلك» الأمريكية عن وجود مستويات مقلقة من المعادن الثقيلة، وعلى رأسها الرصاص، في عدد كبير من هذه المنتجات، التي يفترض أنها خيار آمن وصحي.
منتجات صحية.. تحت المجهر
ووفقًا لما نقلته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية، فقد شمل التحقيق تحليل 27 منتجًا من الوجبات الخفيفة مثل رقائق البطاطس والبسكويت والمقرمشات المصنوعة من نبات الكسافا، وهو مكون شائع في صناعة الأطعمة الخالية من الجلوتين.
النتائج جاءت صادمة: ثلثا هذه المنتجات احتوت على نسب من الرصاص تفوق الحد الآمن الموصى به لكل حصة غذائية، فيما تجاوزت بعض المنتجات هذا الحد بنسبة وصلت إلى 2000%، وهو رقم يثير القلق ويستدعي وقفة جادة.
الكسافا.. البديل "الصحي" المتهم بالتسميم
نبات الكسافا – الذي يروج له كبديل مثالي للقمح والشعير والشوفان – كان في قلب هذه القضية. ويُزرع الكسافا على نطاق واسع في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، ويُستخدم لصناعة دقيق خالٍ من الجلوتين يُعد خيارًا شائعًا لمن يعانون من حساسية الغلوتين أو من يتبعون حميات غذائية خاصة.
لكن الدراسة كشفت أن هذا النبات الجذري يمتص الرصاص من التربة بسهولة، سواء كانت هذه الملوثات من مصادر طبيعية أو نتيجة لاستخدام مياه الصرف الصحي والأسمدة الكيميائية.
وبحسب الخبراء، فإن الشكل التجاري الشائع للكسافا – سواء كدقيق أبيض أو نشا – يحمل معه هذا التلوث إلى المستهلك دون أن يكون مرئيًا أو محسوسًا.
الرصاص: سمٌ بطيء يهدد الأطفال أولًا
الرصاص ليس مجرد ملوث، بل يُعد من أخطر المواد السامة المعروفة في البيئة. وقد أثبتت أبحاث علمية عديدة أن التعرض المزمن له، حتى بكميات صغيرة، يُسبب أضرارًا جسيمة في الجهاز العصبي، ويؤثر على نمو الدماغ لدى الأطفال، مما يزيد من احتمالية الإصابة بمشاكل مثل:
التوحد
صعوبات التعلم
ضعف التركيز
اضطرابات التواصل والسلوك
بل إن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) تؤكد بشكل قاطع أنه "لا يوجد مستوى آمن للتعرض للرصاص"، وهو ما يعمّق من خطورة اكتشافه في المنتجات اليومية التي تُستهلك بكميات منتظمة.
خبراء يدقون ناقوس الخطر: وعي لا هلع
جيمس روجرز، مدير قسم أبحاث سلامة الأغذية في منظمة «تقارير المستهلك»، أشار إلى أن بعض منتجات الكسافا التي تم اختبارها احتوت على أعلى نسب من الرصاص تم رصدها في اختبارات المنظمة خلال العقد الماضي. لكنه شدد في الوقت ذاته على أهمية عدم الهلع الجماعي، مؤكدًا أن الغاية من التقرير ليست زرع الخوف، بل زيادة وعي المستهلكين حول ما يدخل إلى أجسادهم يوميًا.
وقال روجرز:
"نحن لا نطالب الناس بالتخلي عن كل منتجات الكسافا، بل ندعوهم لاختيار المصادر الموثوقة، والضغط على الشركات لرفع معايير الجودة، والتدقيق في طرق الزراعة والإنتاج."
من يتأثر أكثر؟ أكثر من 3 ملايين أمريكي في دائرة الخطر
تشير التقديرات إلى أن أكثر من 3 ملايين شخص في الولايات المتحدة وحدها يتبعون نظامًا غذائيًا خاليًا من الجلوتين، مما يجعلهم عرضة لاستهلاك كميات أكبر من هذه المنتجات المشكوك في سلامتها.
ومع تصاعد الاتجاه العالمي نحو الأطعمة الصحية والعضوية، يُخشى أن تمتد هذه المخاطر إلى شرائح أوسع من السكان، خاصة في الدول التي لا تخضع فيها المنتجات الغذائية للرقابة الدقيقة.
ماذا يمكن للمستهلك فعله لحماية نفسه؟
وسط هذا الجدل المتصاعد، ينصح الخبراء المستهلكين باتباع عدد من الخطوات لتقليل تعرضهم للمواد السامة:
1. التحقق من مصدر المنتجات: الشراء من شركات معروفة تلتزم بمعايير السلامة والجودة.
2. قراءة التقارير والتصنيفات المستقلة: متابعة تقارير المنظمات الرقابية مثل "تقارير المستهلك" أو توصيات الولايات مثل كاليفورنيا التي حددت حدًا يوميًا لا يجب تجاوزه وهو 0.5 ميكروغرام من الرصاص.
3. الاعتماد على الأغذية الطبيعية قدر الإمكان: الفواكه والخضروات الطازجة، الحبوب الكاملة غير المعالجة، والطهي المنزلي.
4. تنويع مصادر الغذاء: عدم الاعتماد على منتج واحد أو مكون غذائي محدد، لتقليل تراكم أي عنصر ضار في الجسم.
بين الصورة النقية والواقع الملوث
الواقع أن "الصحة" في عالم الغذاء لم تعد مجرد ملصق على عبوة، المنتجات التي تُسوق على أنها "طبيعية" أو "خالية من الجلوتين" لا تعني بالضرورة أنها خالية من المخاطر.
ما كشفته هذه الدراسة يدعو لإعادة النظر في طريقة تعاملنا مع الطعام، ويحث المستهلكين، لا على الخوف، بل على التفكير الواعي والمستنير، فالمعركة من أجل غذاء صحي آمن لم تنتهِ بعد – بل ربما بدأت للتو.