التنازل عن الإيجار القديم شرط الحصول على شقة بالإسكان.. ومعلقون: مخالف

أثار قرار وزارة الإسكان الأخير، الذي ينص على وجوب تنازل المتقدم أو أحد أفراد أسرته عن عقد الإيجار القديم موثقًا بالشهر العقاري كشرط للحصول على وحدة سكنية جديدة، حالة من إشعال الجدل القائم بالفعل بين الملاك والمستأجرين، وسط تحركات في البرلمان وخارج أسواره في لحل أزمة قسمت الشعب المصري لنصفين.
رئيس ائتلاف الملاك: أخيرًا تعود العدالة
يرى مصطفى عبد الرحمن، رئيس ائتلاف ملاك العقارات القديمة، أن هذا الشرط يعكس نية الدولة الجادة في إعادة التوازن بين المستأجرين والملاك، بعد عقود من الظلم، على حد قوله.
وقال عبد الرحمن لـ نيوز رووم: "نشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي على شجاعتهما في فتح هذا الملف الذي تهربت منه كل الحكومات السابقة خوفًا من الشعبية. ونتمنى من مجلس النواب أن يتحلى بنفس الشجاعة وينهي هذه الأزمة".
وأضاف أن الشرط لا يجبر أحدًا على التنازل، بل يُعطي أولوية لمن يُقرر التنازل عن عقد الإيجار القديم لصالح المالك مقابل الحصول على وحدة جديدة في مشروع إسكان اجتماعي. الدولة وفرت 400 ألف وحدة، منها أكثر من 40% جاهز على الأرض بالفعل، وهذه بداية لحل حقيقي وعادل للجميع".

جوليا محمد: ميزان العدالة يعود لمكانه
من جانبها، أكدت جوليا محمد أدمن رابطة ملاك الإسكندرية وممثلة الملاك في اجتماع لجنة الإسكان بالبرلمان يوم 11 مايو، أن الشرط يمثل "خطوة تاريخية تُعيد الميزان إلى وضعه الصحيح بعد عقود من الاستفادة غير المتوازنة من قبل المستأجرين".
وقالت: "المستأجر كان لا يكتفي بالإقامة في شقة المالك، بل يتقدم أيضًا للحصول على شقق مدعومة من الدولة. هذا الشرط يُنهي هذا الخلل ويُعيد توزيع الدعم على من يستحقه فعلاً. نحن لا نطالب بطرد أحد، بل بتحرير العلاقة بين الطرفين في ظل وجود بدائل سكنية محترمة".
وأضافت: "هذا القانون عمره أكثر من 100 سنة، وحان الوقت لإغلاقه بطريقة إنسانية ومتدرجة، والدولة الآن تفعل ذلك فعلًا، فشكرًا للرئيس والحكومة والبرلمان".
المستشار أيمن عصام: شرط معيب وتمييزي
على الجانب الآخر، عبر المستشار أيمن عصام، المستشار القانوني لرابطة مستأجري الإيجار القديم، عن رفضه الكامل لهذا الشرط، واصفًا إياه بـ"غير الدستوري والمجحف".
وقال لـ نيوز رووم إن الشرط يخلق تمييزًا بين المواطنين ويخالف مبدأ المساواة في الدستور، لا يجوز ربط الحصول على سكن جديد بالتنازل عن وحدة قائمة، خاصة في حالات اجتماعية معقدة مثل الانفصال أو الأبناء القصر. من حق كل فرد أن يسعى لسكن آمن بدون إجباره على فقدان مأوى آخر".
وتابع: "نطالب بحذف هذا البند من شروط الإسكان فورًا، وإذا أردنا حلولًا عادلة، فيجب أن تبنى على أساس احترام الحقوق القائمة وليس التفريط فيها مقابل دعم جديد".
كما أشار عصام إلى أن "البعض قد يُجبر على عدم التصريح بوجود إيجار قديم عند التقديم، هربًا من الحرمان، مما يُفقد الشفافية ويضر بمصداقية البيانات المقدمة للحكومة".
هل تنهي الشجاعة السياسية هذا الملف؟
يبدو أن قرار وزارة الإسكان الأخير قد فتح الباب من جديد أمام نقاش واسع حول قانون الإيجار القديم، الذي لا يزال من أكثر الملفات الشائكة في مصر. وبين مطالب الملاك بتحرير العلاقة، واعتراضات المستأجرين على ما يعتبرونه تمييزًا ضدهم، يبقى الحل الحقيقي مرهونًا بشجاعة سياسية وتشريعية توازن بين العدالة الاجتماعية وحقوق الملكية، وتؤسس لعلاقة إيجارية جديدة تليق بمصر الحديثة.