عاجل

تراجع إنتاج الغاز في مصر وتداعيات اقتصادية تضع خطط الطاقة تحت المجهر

ارشيفية
ارشيفية

تواجه مصر منذ عام 2023 تراجعًا ملحوظًا في معدلات إنتاج الغاز الطبيعي، بعد سنوات من الطفرة التي قادها اكتشاف حقل "ظُهر" العملاق في 2015. وبينما التزمت الحكومة الصمت لفترة طويلة، بدأت المؤشرات الاقتصادية تنذر بتداعيات ملموسة على مختلف القطاعات، وسط تصاعد الضغوط على الميزانية العامة، وارتفاع تكلفة واردات الطاقة، وتهديد طموحات مصر في التحول لمركز إقليمي للطاقة.

معدلات إنتاج الغاز الطبيعي

وفقًا لبيانات الشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، انخفض الإنتاج اليومي من الغاز الطبيعي من نحو 7.2 مليار قدم مكعب يوميًا في 2021 إلى نحو 5.8 مليار قدم مكعب يوميًا في بداية 2024.

 وأظهر تقرير حديث لوزارة البترول أن التراجع طال أبرز الحقول الإنتاجية، وعلى رأسها حقل "ظُهر"، الذي يواجه تحديات فنية وتراجعًا طبيعيًا في معدلات الضخ.

فاتورة الاستيراد تعود للارتفاع

أدى التراجع في الإنتاج المحلي إلى اضطرار مصر لاستئناف استيراد الغاز المسال لتغطية العجز في السوق المحلية، خاصة مع ارتفاع الاستهلاك صيفًا لتوليد الكهرباء. وبلغت قيمة واردات الغاز في النصف الأول من عام 2024 نحو 1.5 مليار دولار، مقارنة بصفر تقريبا في نفس الفترة من عام 2022.

ويقول الدكتور أحمد جمال الدين، خبير اقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار، أن تراجع إنتاج مصر من الغاز الطبيعي ينعكس بصورة مباشرة على عدد من المؤشرات الاقتصادية الحيوية، أبرزها زيادة الاعتماد على استيراد الغاز المسال، وهو ما يرفع فاتورة الواردات ويضغط على احتياطيات النقد الأجنبي."

 

الصناعة تدفع الثمن

لم تكن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة بعيدة عن التأثير، إذ تأثرت قطاعات مثل الحديد والصلب، والأسمدة، والبتروكيماويات بارتفاع أسعار الغاز أو محدودية الإمدادات، ما أدى إلى خفض الإنتاج أو توقف خطوط تشغيل جزئيًا. وتراجعت صادرات الأسمدة بنسبة 17% في الربع الأول من 2024 مقارنة بالعام السابق، بحسب بيانات هيئة الرقابة على الصادرات والواردات.

ويضيف  جمال الدين في تصريحه الخاص بنيوز رووم، أن  القطاعات الصناعية التي تعتمد على الغاز كمصدر للطاقة أو كمادة خام تواجه الآن تحديات في الاستمرارية والتوسع، ما قد يؤدي إلى تراجع مساهمتها في الصادرات وزيادة الضغوط على الميزان التجاري."

 

الرهان على التصدير يتراجع

كانت مصر قد علّقت تصدير الغاز المسال من محطة إدكو في الربع الأخير من 2023، مما أدى إلى انخفاض العائدات التصديرية بشكل واضح، في وقت كانت البلاد تعوّل فيه على عوائد التصدير لتعزيز مواردها الدولارية.

كما حذّر  جمال الدين ، من أن هذا الوضع يضعف من تنافسية مصر في سوق الطاقة الإقليمية، خصوصًا في ظل طموحاتها للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز."

 

خيارات صعبة على الطاولة

في ضوء هذه التطورات، تبدو الحكومة المصرية أمام تحديات جسيمة تتطلب مراجعة عاجلة لاستراتيجيات إنتاج الغاز، وتسريع وتيرة تطوير الحقول القائمة والاكتشافات الجديدة، بجانب التوسع في الطاقات البديلة لضمان أمن الطاقة.

ومع استمرار تراجع الإنتاج وارتفاع الطلب، قد تجد مصر نفسها مضطرة إلى إعادة هيكلة سياسات الدعم، ومراجعة أولوياتها الاستثمارية في قطاع الطاقة، للحفاظ على التوازن بين الأمن القومي الاقتصادي وتحقيق طموحات التصدير.

تم نسخ الرابط