عاجل

ما هي دلالات إقامة الخدمة في الموالد وهل أقامها الأولياء؟.. باحث يكشف|خاص

مصطفى زايد
مصطفى زايد

في مواسم موالد الأولياء حيث تتنزل الرحمات وتُفتح أبواب القرب من الأولياء، تُصبح الخدمة بابًا إلى الله، وميدانًا يختبر فيه المحبون صدق ولائهم لأهل الله. وإنّ من أعظم أبواب الخدمة في المولد: إطعام الطعام، فلا فرق فيه بين غني وفقير، ولا كبير وصغير، ولا قريب وغريب، فالجميع في حضرة الولي سواء، وكلهم ضيوف الله.

قال الله تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]، والبرّ هنا هو مقام الإحسان، ومن أصدق صور هذا المقام أن تبذل من طعامك ما تحبه، بل أن تطبخه كما لو كان لحبيبٍ من أهلك، بل أحسن، لأنك تطعمه في حضرة من أحبه الله.

وقال مصطفى زايد الباحث في الشأن الصوفي لـ «نيوز رووم» كان من دأب العارفين أن يوصوا بخدمة وإطعام الطعام للزائرين لأولياء الله الصالحين، فقد قال سيدي أبو الحسن الشاذلي: من خدم زوّار الأولياء فقد خدم الله، ومن آذاهم فقد آذى الله  ، وكان من أتباعه من يجعلون خدمة الطعام في الموالد طريقًا إلى التزكية، لا يُقبلون عليها من باب التفضل، بل من باب التشرّف.

أضاف زايد: والأصل أن تُهيأ موائد الخدمة وكأنك تعدّ طعامك لأحب الناس إلى قلبك، لا كما يعد الطعام في المواكب الرسمية أو العزائم الباردة، بل كما تطبخ لولدك وأهلك، بل أطيب، وتستحي من الله إن قدّمت دون ذلك.

وقد روى البخاري عن عبد الله بن عمرو، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تدخله على مسلم... أو تطرد عنه جوعًا...". فالطعام هنا وسيلة إلى السرور، وسرور المحبين في المولد، عبادة خفية لا يعلم قدرها إلا من ذاق.

ولا يليق بالمخدم – أي خادم الخدمة – أن يقول: "هذه خدمتي". بل الخدمة لله، وزائر المولد ضيف على الله، وأنت خادم له في حضرة الولي. يقول الإمام الجيلاني: *"لا تقولنّ هذه خدمتي، فإنك عبدٌ لا تملك شيئًا، وما تُقدّم إنما هو من فضل الله عليك أن استخدمك في حضرته."*

أوضح «زايد»: ما أعذب ما قاله الشيخ عبد الوهاب الشعراني في "الطبقات الكبرى": إذا رأيت خادمًا يبتسم في وجه الزائرين، ويعطي الطعام قبل أن يُسأل، ويقدم الأفضل لمن لا يعرفه، فاعلم أنه على باب الله حقًا.

فابتسامتك للداخلين إلى ميدان الخدمة هي من عبادة القلوب، ولا تستصغر أحدًا، فمن يدخل المولد إنما دخل بإذن، وقد يكون له من القَبول عند الله ما لا تراه العيون.

تابع «زايد»: كان السلف الصالح يتنافسون على الخدمة في المولد أكثر من تنافسهم على المجالس، لأن الخدمة لا يُقبل عليها إلا من فُتح له باب العبودية. قال الشيخ سيدي إبراهيم الدسوقي: الخدمة سرّ من أسرار الوصول، ومن خدم فقد خُدم.

الموالد روح تكسب وكرم يمنح

واختتم مصطفى زايد تصريحه قائلا: الخدمة في المولد ليست طعامًا يوضع على مائدة، بل روحٌ تُسكب، وكرمٌ يُمنح، ووجهٌ باسم يُهدي المحبة. إنها مقام من مقامات السالكين، لا يناله إلا من طابت نفسه، وتطهّرت نواياه، وسُرّ قلبه بمجالسة المحبين.

تم نسخ الرابط