عاجل

مصر استعادت ريادتها.. وزير الأوقاف: الكُتّاب ليس عودة إلى الوراء وقادرون على تقديم خطاب ديني متزن | حوار

الدكتور أسامة الأزهري
الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف في حوار لـ نيوز رووم

مصر استعادت مكانتها الريادية في العالم الإسلامي كمنارة للعلم والدعوة
قادرون على تقديم خطاب ديني متزن يخاطب العقول والقلوب معًا
نقدِّم نموذجًا يُحتذى به في مواجهة التطرف دعامته الأزهر والأوقاف
تغيير خطبة الجمعة هو تمهيد لتطوير شامل في الخطاب الديني.
مواجهة الأفكار الشاذة بالمنطق والحجة دون عنف
الكُتاب ليس عودة للوراء
خطة شاملة لتهيئة المساجد لاستقبال شهر رمضان الفضيل
قريبًا.. محتوى ديني موثوق بلغات. متعددة عبر منصة الأوقاف ليتماشى مع الرقمنة والتطوير التقني.

قبل ساعات قليلة من استقبال شهر رمضان حاور نيوز رووم  الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، لاستعراض خطة الوزارة للعمل خلال شهر رمضان وعيد الفطر المبارك؛ إلى جانب رؤية الوزارة لقضايا تتعلق بالخطاب الديني ومواجهة الأفكار الشاذة، إلى جانب ما أثير من تخوفات بشأن عودة الكتاتيب ووصفها بالرجعية والعودة للدولة الدينية. 

إلى نص الحوار…. 
 

بداية.. كيف تستعد وزارة الأوقاف لشهر رمضان وعيد الفطر المبارك؟

لدينا خطة شاملة لتهيئة المساجد لاستقبال الشهر الفضيل، تشمل أعمال الصيانة والنظافة، وتجهيز برامج دعوية مكثفة تتناول قضايا القيم والأخلاق والتكافل الاجتماعي.

ونركز على اختيار الأئمة المتميزين لإمامة المصلين في صلاة التراويح بالمساجد الكبرى، مع توفير مصليات خاصة للنساء، وتنظيم دروس علمية لتوعية الناس بأحكام الصيام وأخلاقياته.

وفي عيد الفطر، نحرص على إقامة صلاة العيد في الساحات الكبرى، مع ضمان التنظيم الجيد، إلى جانب توجيه الناس لأهمية إخراج زكاة الفطر لدعم الفئات الأكثر احتياجًا.

نحن حريصون على الحفاظ على الروحانيات الرمضانية التي يتميز بها المجتمع المصري، لكننا أيضًا نراعي التغيرات المجتمعية وخصوصية السكان. لذلك، هناك توجه لتنظيم هذه المسألة، هدفنا هو الحفاظ على الأجواء الرمضانية مع مراعاة الضوابط التي تحقق المصلحة العامة للجميع.

كيف ترون حالة التخوف والوصف بالرجعية تجاه مقترح الأوقاف بشأن الكتاتيب، وما خطة وهدف الوزارة منها؟

أود أن أؤكد أن مشروع الكتاتيب المطورة ليس محاولة لإعادة الماضي كما هو، بل هو خطوة نحو المستقبل، حيث نمزج بين الأصالة والمعاصرة، هدفنا ليس مجرد تحفيظ القرآن الكريم، بل غرس القيم الأخلاقية وتعليم الفهم الصحيح للنصوص الشرعية، مع الاستفادة من أحدث الوسائل التربوية والتعليمية.

نحن نعمل على تطوير الكُتَّاب ليكون بيئة تعليمية متكاملة، بحيث يتلقى الأطفال فيها تعليمًا دينيًا سليمًا، في إطار يراعي احتياجات العصر. كما أننا نحرص على تأهيل المعلمين بشكل مستمر، ليكونوا قادرين على تقديم هذا النموذج الجديد بكفاءة وفاعلية.

ولا أساس لتلك المخاوف التي تصف المشروع بالرجعية، لأننا لا نعود إلى الوراء، بل نؤسس لمستقبل يجمع بين الالتزام الديني والتقدم العلمي، لننشئ جيلًا متزنًا قادرًا على التعامل مع متغيرات الحياة بثقة وعلم.

وزير الأوقاف
وزير الأوقاف

ماذا عن التعديلات التي طرأت على موضوعات خطبة الجمعة الموحدة؟ 

وجود تغيير في خطبة الجمعة، كخطوة مرحلية، تأتي تمهيدًا لتطوير شامل في الخطاب الديني عمومًا؛ تعلن الوزارة عن تفاصيله وملامحه بالكامل قريبًا، ويأتي هذا التطوير في إطار من التنسيق الكامل مع المركز القومي للبحوث الجنائية والاجتماعية وبقية مؤسسات الدولة لرصد الواقع بعمق والتجاوب معه ومعالجة تحديات أبناء شعب مصر الكرام جميعًا. 

كما أن هذه الخطوة تحقق التوازن بين الخطبة الموحدة من ناحية وبين تفاوت التحديات القيمية المتفاوتة باختلاف المحافظات المختلفة، وقد استند كل هذا  إلى دراسة وافية لتفاوت الاحتياجات بين المحافظات، وعلى سبيل المثال فقد رصدنا ذلك كل الأسابيع الماضية فوجدنا بعض المحافظات نحتاج إلى توعية أبنائنا بالتحذير من الهجرة غير الشرعية، فيما يحتاج البعض الآخر إلى التوعية ضد حرمان المرأة من حقها في الميراث، كما وجدنا أن بعض المحافظات تحتاج إلى توعية أبنائها من الصيادين والعاملين في هذا الميدان. 

وبعد تأمل ودراسة توصلنا إلى أن تكون الخطبة الأولى في كل جمعة تعالج موضوعًا واحدًا نتوجه به إلى كل أبناء الشعب المصري جميعًا، وأن تخصص الخطبة الثانية لتلائم الحال الموجود في كل محافظة على حدة، مما يحقق لنا الحفاظ على الخطبة الموحدة من ناحية، والتفاعل مع هموم المصريين التي تتفاوت من محافظة إلى أخرى فيتحقق بذلك نقلة كبيرة في طبيعة الخطاب الديني وتجاوبه مع هموم الإنسان المصري، وتقديم الروية المنيرة التي يتحقق بها مقاصد الشرع الشريف، وتسعى لأمان الوطن وتوعية أبنائه الكرام، وطبق ذلك اعتبارًا من جمعة 3 من يناير 2025. 

ونحن نسعى من خلال هذا التطوير إلى تقديم خطاب ديني معاصر يتفاعل مع قضايا الناس ويعالج مشكلاتهم، مع الحفاظ على وحدة المنهج والمقاصد العليا لديننا الحنيف. وهذا ما نعمل عليه بالتعاون مع المراكز البحثية والجنائية المتخصصة، لضمان أن تظل الخطبة منبرًا للتنوير والإصلاح بما يتناسب مع احتياجات المجتمع المصري في كل زمان ومكان

إلى أين وصلتم فيما يتعلق بتجديد الخطاب الديني؟ 

نحن بالفعل على طريق تجديد الخطاب الديني، ونعمل على تحديث المحتوى الدعوي ليعكس القضايا المعاصرة ويواجه التحديات الفكرية بروح علمية ومنهجية وسطية.

ونعمل على تدريب الأئمة والدعاة بشكل مستمر، ليكونوا على دراية كاملة بمتغيرات العصر، وقادرين على تقديم خطاب ديني متزن يخاطب العقول والقلوب معًا.
كذلك، نحتاج إلى توسيع التعاون بين المؤسسات الدينية والمراكز البحثية، والاستفادة من وسائل الإعلام والمنصات الرقمية للوصول إلى أكبر عدد من الناس برسائل واضحة وعصرية تعزز القيم الإسلامية الصحيحة.

التجديد عملية مستمرة، ونحن ملتزمون بمواصلة هذا الجهد لنشر الفكر الوسطي المستنير الذي يعكس حقيقة الإسلام.

كيف تواجهون الإلحاد والمثلية والأفكار الشاذة؟ 

مواجهة الأفكار الشاذة مسئولية دينية ووطنية، ونحن نؤمن بأن الحل لا يكون بالمواجهة العنيفة، بل بالحوار العلمي الرصين الذي يعتمد على المنطق والحجة والبيان.

نحن نركز على تدريب الأئمة والدعاة ليكونوا مؤهلين للتعامل مع هذه القضايا بحكمة، من خلال تقديم خطاب متزن يوضح خطورة هذه الأفكار على الفرد والمجتمع، مع إبراز البدائل الفكرية الصحيحة التي تعزز القيم الدينية والأخلاقية.

كما أننا نعمل على تكثيف الحملات التوعوية، سواء في المساجد أو عبر وسائل الإعلام والمنصات الرقمية، لنشر الوعي وتصحيح المفاهيم المغلوطة بطريقة عقلانية مقنعة.

ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم بشأن الأئمة والعمل على تأهيلهم للعمل الدعوي؟

أهم التحديات كانت تتعلق برفع كفاءة الأئمة لتمكينهم من مواكبة تطورات العصر، والتعامل مع مختلف شرائح المجتمع بلغة واضحة وعلمية.

كان لا بد من تطوير برامج التدريب، ليس فقط في العلوم الشرعية، بل أيضًا في مهارات التواصل، واللغات الأجنبية، وفهم القضايا الفكرية المعاصرة.

وعملنا على تغيير الصورة النمطية عن الإمام، ليكون داعية عصريًا قادرًا على التأثير في المجتمع، خاصة فئة الشباب. 

وقد وفرنا برامج تدريبية متخصصة، ودورات في الإعلام والتواصل الجماهيري، إلى جانب تشجيع الأئمة على البحث العلمي والمشاركة في الفعاليات الفكرية والثقافية.

 

وزير الأوقاف ومحرر نيوز رووم
وزير الأوقاف ومحرر نيوز رووم

كيف تستفيدون من الوقف وفقًا لتوجيهات الرئيس السيسي؟

نعمل على تعظيم الاستفادة من الوقف من خلال حصر الأصول الوقفية وتحديث سجلاتها، والاستثمار الأمثل لهذه الأصول بما يحقق عوائد أعلى توجه لخدمة المجتمع.

كما نركز على إقامة مشروعات تنموية في مجالات متعددة ،والعمل على إدارة أموال الوقف بكل شفافية. ونحن نعتبر الوقف موردًا تنمويًا هامًا، ونعمل على استثماره بما يحقق التنمية المستدامة ويخدم الفئات الأكثر احتياجًا.

هل يمكن القول إن مصر استعادت مكانتها كمركز للخطاب الديني في العالم الإسلامي؟

بفضل الجهود المتواصلة من الدولة المصرية، وخاصة دعم القيادة السياسية، يمكننا القول بثقة إن مصر استعادت مكانتها الريادية في العالم الإسلامي كمنارة للعلم والدعوة.

الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف يلعبان دورًا محوريًا في نشر الفكر الوسطي المعتدل، من خلال تدريب الدعاة والأئمة من مختلف الدول، وعقد المؤتمرات الدولية التي تجمع كبار العلماء والمفكرين من أنحاء العالم.

مصر الآن تُقدِّم نموذجًا يُحتذى به في التجديد الديني، ومواجهة الأفكار المتطرفة، كما أننا نعمل على تعزيز الحوار بين الثقافات والأديان، مما يعزز مكانة بلادنا كمرجعية دينية موثوقة عالميًا.

هل تفكر وزارة الأوقاف في إطلاق منصات رقمية جديدة للوصول إلى الشباب؟

بالفعل عقدنا اجتماعًا موسعًا لمراجعة التفاصيل الفنية والإدارية الخاصة بإطلاق منصة الأوقاف الرقمية، وتم استعراض المنصة الرقمية لوزارة الأوقاف، وآليات تشغيل المنصة، والخدمات التي ستقدمها، بما يسهم في نشر الفكر الإسلامي الوسطي وتعزيز التواصل الفعال مع الجمهور، مؤكدين ضرورة أن تسهم هذه المنصة في نشر المحتوى الديني الموثوق.

تأتي هذه المنصة في إطار التحول الرقمي، وخطوة نوعية في تطوير خدمات الوزارة، حيث تتيح نشر محتوى ديني موثوق بلغات متعددة، بما يتماشى مع رؤية الدولة المصرية في الرقمنة والتطوير التقني.

ويجري حاليًا العمل على إطلاق المنصة في أقرب وقت ممكن، مع تأكيد تقديم دعم فني مستمر ومتابعة الأداء لضمان تحقيق الأهداف المرجوة، فنحن ندرك أهمية المنصات الرقمية في الوصول إلى الأجيال الجديدة، ونعمل على تطوير محتوى رقمي يتناسب مع طبيعة العصر الحديث.

أطلقنا بالفعل عددًا من المبادرات على وسائل التواصل الاجتماعي، ونخطط لإطلاق تطبيقات تعليمية تفاعلية تهدف إلى تقديم محتوى ديني موثوق بلغة بسيطة تناسب الشباب.

كذلك، سنواصل التعاون مع المؤسسات الإعلامية والمنصات التعليمية لإنتاج محتوى مرئي وصوتي يعزز من انتشار الفكر الوسطي، ويواجه الأفكار المغلوطة بأسلوب عصري.

 هل  للمرأة دور في العمل الدعوي؟

نحن نؤمن بأن للمرأة دورًا رئيسيًا في العمل الدعوي، وقد حرصنا على تمكينها من خلال فتح المجال للاستعانة بواعظات مؤهلات في مختلف المساجد والمراكز الدينية.
المرأة تمتلك القدرة على التأثير في قضايا الأسرة والمجتمع، ونحن نعمل على تدريب الواعظات وتأهيلهن للتعامل مع القضايا المجتمعية المعاصرة، سواء في المساجد أو عبر وسائل الإعلام.
كما أطلقنا العديد من المبادرات لتمكين المرأة في المجال الدعوي، مع التركيز على القضايا التي تمس الأسرة وتربية الأبناء، من منطلق أن للمرأة دورًا أساسيًا في بناء المجتمع.

ما أهمية التعاون الدولي في مواجهة التطرف؟

مكافحة التطرف تتطلب تعاونًا دوليًا واسع النطاق، ونحن نعمل على تعزيز هذا التعاون من خلال الاتفاقيات المشتركة مع مختلف الدول، وتبادل الخبرات في مجالات التدريب والتعليم الديني.

كما نشارك بفعالية في المؤتمرات العالمية التي تتناول قضايا مكافحة التطرف والإرهاب، ونعمل على توحيد الخطاب الديني المعتدل بين الدول الإسلامية، ليكون هناك صوت واحد ينادي بالسلام والتعايش.

ونؤمن أيضا بأن التطرف لا يعرف حدودًا، لذلك فإن التعاون الدولي ضرورة ملحة لمواجهته من جذوره، من خلال التوعية والفكر المستنير.

ما هي رسالة وزارة الأوقاف للمجتمع المصري في المرحلة المقبلة؟

رسالتي للمجتمع المصري هي أننا جميعًا شركاء في بناء الوطن، والتدين الصحيح هو الذي يدعو للعمل والاجتهاد والإخلاص في خدمة بلادنا.

نحن نواجه تحديات كبيرة، لكن بإرادة الشعب المصري ودعم قيادتنا السياسية، سنتمكن من تجاوزها. فالإسلام دين حضارة وبناء، ونحن في وزارة الأوقاف سنواصل العمل لنشر القيم الأخلاقية وتعزيز ثقافة التسامح والتعايش.

دعوتنا الدائمة هي للتمسك بالقيم الدينية الأصيلة، مع الانفتاح على العصر بروح إيجابية تسعى للنهضة والتقدم.

تم نسخ الرابط