عقيدة ترامب : الشرق الأوسط يُبنى بالصفقات لا القنابل.. والعرب يصنعون مستقبلهم

مثّلت أول زيارة رسمية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى الخارج ، والتي بدأت من المملكة العربية السعودية، نقطة تحول محورية في نهج أمريكا تجاه الشرق الأوسط.
فقد وضع رؤية لمستقبل الشرق الأوسط ، بعد عقود من التدخلات الأمريكية وتغييرات الأنظمة الفاشلة التي أدت إلى دمار واسع النطاق ، والأهم من ذلك، أنه أعاد العلاقات مع العواصم العربية الرئيسية بعد فترة توتر في عهد الإدارة السابقة، التي جعلت من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر أهدافها الأولى في سياستها الخارجية عام 2021.
محطة ترامب الأولي.. الرياض قوة دبلوماسية مؤثرة
وقد تجاوزت المملكة العربية السعودية ، المحطة الأولى في برنامج ترامب، دورها الإقليمي التقليدي بكثير، ففي عهد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، تشهد المملكة تحولاً سريعاً وتؤكد مكانتها كقوة عالمية. وسواءً كان ذلك من خلال التوسط بين واشنطن وموسكو، أو الدفع نحو عودة سوريا إلى الساحة الدولية، أو المساعدة في تجنب حرب محتملة بين الهند وباكستان، الدولتين النوويتين، فقد أصبحت الرياض قوة دبلوماسية مؤثرة، وقد انتبه ترامب لذلك.
اقرأ أيضاً: صفقات تاريخية تفتح آفاقًا جديدة للتعاون .. الرياض تستقطب التكنولوجيا الأمريكية
أبرز صفقات ترامب الاقتصادية
في حين شهدت الرحلة العديد من الصفقات الاقتصادية رفيعة المستوى، إلا أن اللحظة الأبرز جاءت خلال خطاب ترامب المهم حول السياسة الخارجية في الرياض، حيث خاطب قاعة ضمت ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
قال ترامب: "لقد حققتم معجزة عصرية على الطريقة العربية".
وقالت كيه تي ماكفارلاند، التي شغلت منصب نائبة مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب الأولى، إن الرئيس "غرس في صميم التدخل الأمريكي.. لقد خضنا هذه الحروب الطويلة، ولم ننتصر فيها".
وفي مقابلة تلفزيونية ، أضافت ماكفارلاند أن الرحلة لم تكن مفيدة للمصالح الاقتصادية الأمريكية فحسب، بل كانت أيضًا إيجابية للسلام الإقليمي ، "لكن بصراحة، إنها النموذج الذي سنتبعه في تعاملنا مع دول العالم".
جيلٌ جديد من القادة
في تصريحاته، أشار ترامب إلى تغييرٍ في قيادة المنطقة: "أمام أعيننا، جيلٌ جديد من القادة يتجاوز صراعات الماضي القديمة وانقساماته المُرهقة، ويرسم مستقبلًا يُعرّف فيه الشرق الأوسط بالتجارة لا بالفوضى؛ ويُصدّر فيه التكنولوجيا لا بالإرهاب؛ وحيث يبني أبناء الأمم والأديان والمذاهب المختلفة المدن معًا، لا بقصف بعضهم البعض".
ومن المهم أن يُشدد على أن هذا التقدم نابعٌ من الداخل، وليس نتيجةً للتدخل الغربي. وقال: "من الضروري أن يُلاحظ العالم أجمع أن هذا التحول الكبير لم يأتِ من تدخلاتٍ غربيةٍ تُلقي محاضراتٍ عن كيفية العيش أو إدارة شؤوننا الخاصة".
أيضاً: ترامب: حصلنا على استثمارات بتريليونات الدولارات من جولة الشرق الأوسط
ولادة الشرق الأوسط V المحافظين والأيديولوجيين الليبراليين
كما انتقد ترامب بشكل مباشر كلاً من المحافظين الجدد والأيديولوجيين الليبراليين: "لم يُصنع روائع الرياض وأبو ظبي البراقة من قِبل ما يُسمى ببناة الدول، أو المحافظين الجدد، أو المنظمات الليبرالية غير الربحية، مثل أولئك الذين أنفقوا تريليونات الدولارات دون جدوى في تطوير كابول وبغداد.
"بل إن ولادة الشرق الأوسط الحديث جاءت على يد شعوب المنطقة نفسها، شعوب عاشت هنا طوال حياتها، تُطور بلدانها ذات السيادة، وتسعى وراء رؤاها الفريدة، وترسم مصائرها بطريقتها الخاصة."
تردد صدى هذه الرسالة بقوة في جميع أنحاء المنطقة، وحتى داخل الولايات المتحدة. قال ترامب: "في النهاية، دمّر ما يُسمّى بـ"بناة الأمم" دولًا أكثر بكثير مما بنوها، وكان الدخلاء يتدخلون في مجتمعات معقدة لم يفهموها".
عقيدة ترامب
وصفت فيكتوريا كوتس، التي شغلت منصب نائبة مستشار الأمن القومي لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خلال ولاية ترامب الأولى، هذا النهج بأنه "عقيدة ترامب.. إنها صفقات، لا قنابل.. وسنقود العالم في مجال التكنولوجيا مع هؤلاء الشركاء الرائعين".