عاجل

فتوى تجيز الإحرام من جدة.. خالد الجندي: اجتهاد فقهي

الشيخ خالد الجندي
الشيخ خالد الجندي

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، أن الفقه الإسلامي أثبت مرونة عالية في التعامل مع المستجدات المعاصرة المتعلقة بالحج، وعلى رأسها مسألة الإحرام للمسافرين جوًا، مشيرًا إلى فتوى رسمية من دار الإفتاء المصرية تُجيز الإحرام من مدينة جدة لمن يصل إليها عبر الطائرات، حيث أنه اجتهاد فقهي.

جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة dmc، حيث أوضح الشيخ خالدالجندي أن الاجتهاد الفقهي المعاصر لم يأتِ بمعزل عن النصوص الشرعية، بل جاء مستندًا إلى فقه المآلات، ومراعاة الوسائل الحديثة للسفر والتنقل في إشارة إلى فتوى تجيز الإحرام من جدة للمسافرين جوًا.

فتوى تجيز الإحرام من جدة للمسافرين جوًا

استهل الشيخ خالد الجندي حديثه بالإشارة إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم حدد أربعة مواقيت مكانية للإحرام، لكنها كانت في عصر كانت وسائل السفر فيه مقتصرة على الإبل أو السير برًا، وبالتالي فإن تجاوز الميقات دون إحرام كان أمرًا واضحًا ومحددًا.

وأضاف: "اليوم ومع ظهور الطائرات، فإن القادمين جوًا يمرون فوق الميقات دون التوقف عنده فعليًا، وهنا طرح العلماء سؤالًا مهمًا: هل يجب على المسافر بالطائرة أن يُحرم قبل صعوده؟ أم يجوز له الإحرام بعد هبوطه في جدة؟"

الفتوى الرسمية ومرجعيتها الفقهية

أشار الجندي إلى أن دار الإفتاء المصرية أصدرت فتوى رسمية برقم 2002 لسنة 2009، تجيز فيها الإحرام من جدة للقادمين جوًا، مؤكدة أن هذا الرأي لا يخالف الشرع، بل يتماشى مع روح التيسير ومقاصد الشريعة، خاصة للحجاج القادمين من مصر وشمال أفريقيا.

وأضاف أن هذه الفتوى نُشرت في كتاب "التيسير في الحج في ضوء المستجدات العصرية" الصادر عام 2022، تحت إشراف الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، الذي دعا فيه إلى تفعيل الاجتهاد الفقهي بما يخدم الحجاج ويراعي واقعهم العملي.

تأييد الفتوى المعاصرة

أوضح الجندي أن الشيخ عطية صقر، أحد كبار علماء الأزهر الشريف سابقًا، أيّد هذا الاجتهاد، معتبرًا أن القادم جوًا يُعامل معاملة أهل جدة، وبالتالي يجوز له الإحرام منها دون أن يترتب عليه فدية أو دم.

وأضاف أن الشيخ عطية صقر استند في تأييده إلى قاعدة فقهية أصيلة تقول: "لا يُنكر المختلف فيه، وإنما يُنكر المجمع عليه"، مؤكدًا أن مسألة الميقات المختلف عليها بين العلماء لا يصح فيها التشدد أو الإنكار.

حرية الاختيار بين الإحرام 

أكد الجندي أن الفتوى لا تُلزم الجميع، بل تفتح الباب لحرية الاختيار، موضحًا: "من أراد أن يُحرم من بيته أو من مطار بلده، فله ذلك، ومن أراد أن يُحرم من جدة استنادًا إلى هذه الفتوى، فله ذلك أيضًا، ولا حرج عليه".

وشدد على ضرورة احترام الرأي الفقهي الآخر، وعدم إلزام الناس برأي معين، قائلاً: "من يطمئن قلبه إلى هذه الفتوى فليأخذ بها، ومن يرى غير ذلك فليعمل به، دون أن يُنكر أحد على أحد".

الشيخ خالد الجندي
الشيخ خالد الجندي

الإجتهاد المعاصر .. تيسير لا تفريط

اختتم الجندي حديثه بتأكيد أن هذه الفتوى تمثل اجتهادًا فقهيًا رسميًا ومعتمدًا، ينسجم مع تغيرات العصر وتطور وسائل النقل، ويُراعي ظروف الحجيج، دون مخالفة للنصوص أو تعطيل للمقاصد، معتبرًا أنها تيسير مشروع ورحمة عظيمة منحها الله لعباده في موسم من مواسم الطاعة.

تم نسخ الرابط