ما هي العلاقات المصرية اللبنانية القديمة التي قصدها الرئيس اللبناني"جوزيف عون"

العلاقات المصرية اللبنانية ليست مجرد تعاون دبلوماسي معاصر، بل قصة عمرها آلاف السنين، نسجت خيوطها حضارات عريقة وشخصيات خالدة في الأدب والفكر والسياسة، من سنفرو حتى خليل مطران.
من زمن الفراعنة إلى عصور الأدب.. حكاية شعبين
عبّر الرئيس اللبناني جوزيف عون مع الإعلامية لميس الحديدي في برنامج "كلمة أخيرة" على شاشة ON، عن فخره العميق بتاريخ العلاقات المصرية اللبنانية، مؤكدًا أنها "ضاربة في جذورها منذ عهد الفراعنة وممالك فينيقيا".
وأشار إلى أن الروابط بين البلدين لم تكن يومًا سطحية، بل امتدت عبر مراحل متعددة شملت الهجرات المتبادلة، والتزاوج بين الشعبين، وظهور عائلات مختلطة تحمل في ملامحها عبق التاريخ المشترك.
هذا وقد استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسى، اليوم- الإثنين- الرئيس اللبناني جوزيف عون للتباحث بشأن تعزيز العلاقات المصرية اللبنانية والتشاور بشأن سبل استعادة الاستقرار الإقليمي.
خليل مطران وأحمد شوقي.. عندما التقَ الأدب بالانتماء
لم ينسَ الرئيس اللبناني الإشادة بالدور اللبناني في الصحافة والأدب المصري، مستذكرًا أسماء مثل خليل مطران، اللبناني الذي أصبح صوتًا عربيًا في محراب الشعر المصري، ورفيق درب لأمير الشعراء أحمد شوقي.
علاقة جمعت القلم بالقلب، والانتماء الثقافي بالإبداع الفني، وهي خير دليل على التماهي الجميل بين الشعبين.
سنفرو وبيبلوس.. شريان التجارة والحضارة
العلاقات المصرية اللبنانية ليست مجرد معاصرة، بل لها جذور موثقة في التاريخ القديم، ففي كتاب "ملوك ورؤساء صنعوا تاريخًا لمصر"، يروي أمير عكاشة كيف شهد عصر الملك سنفرو من الأسرة الثالثة الفرعونية انتعاشًا اقتصاديًا بفضل إقامة علاقات تجارية مع فينيقيا – وتحديدًا ميناء جبيل (بيبلوس)، حيث أرسل أسطوله البحري لجلب خشب الأرز النفيس.
وبحسب حجر باليرمو، واجه سنفرو مقاومة في تلك الرحلة لكنه عاد وكانت هذه بداية لتعاون اقتصادي وثقافي مستمر عبر قرون.
بيبلوس.. المدينة التي باعت الورق وأعطت العالم "الكتاب"
مدينة بيبلوس، أو "جبيل"، لم تكن فقط مركزًا تجاريًا بل كانت بوابة للثقافة، فالمصريون القدماء عرفوها باسم "kpny"، واستخدموا خشبها في بناء المعابد والتحنيط، واستوردوا منها الزيوت والمواد النادرة.
وفي المقابل، كانت بيبلوس تستورد من مصر الذهب وورق البردي، الذي ساهم في نشر الكلمة، حتى أن الإغريق أطلقوا على المدينة اسم "biblos" أي "الكتاب"، وهو أصل كلمة "Bible" بالإنجليزية.
خوفو وهدية الألباستر.. عندما تهادت الآلهة بالتحف
حتى الملك خوفو، أول ملوك الأسرة الرابعة، لم يغفل عن توطيد العلاقات المصرية اللبنانية الروحية والثقافية، فقد أرسل إناءً من “الألباستر” منقوشًا باسمه إلى "سيدة بيبلوس"، التي شُبّهت في الميثولوجيا المصرية بالإلهة حتحور.
رمزية هذه الهدية لم تكن مجرد تحفة، بل اعتراف بحضارة أخرى، وامتداد من التقدير المتبادل.
اسم فينيقيا.. حكاية الأرجوان الذي طبع هوية شعب
فينيقيا، ذلك الاسم الذي أطلقه الإغريق على الساحل اللبناني من أرض كنعان، ارتبط بصبغتهم الأرجوانية النادرة، ومنذ القرن الثاني عشر قبل الميلاد، أصبحت هذه المنطقة تعرف بـ"فينيقيا"، وصدّرت ثقافتها وتقاليدها عبر البحر المتوسط.