رامى القليوبي: المنطقة الصناعية الروسية تعزز التبادل التجاري والصناعى

في خطوة تعكس تطور العلاقات الاقتصادية بين القاهرة وموسكو، وقعت روسيا ومصر اتفاقا بشأن إنشاء منطقة صناعية روسية داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، يمنح موسكو حق استخدام طويل الأجل لقطعة أرض في إطار صيغة "حق الانتفاع".
اتفاق استثماري واعد
قال رامي القليوبي، أستاذ زائر بكلية الاستشراق بالمدرسة العليا للاقتصاد بموسكو، إن الاتفاق الذي طال انتظاره يهدف إلى تعزيز التبادل الصناعي والتجاري بين البلدين، ويمثل أحد أبرز المشروعات الاستراتيجية في ملف التعاون المصري الروسي.
عائدات متبادلة
وأضاف أن المنطقة الصناعية الروسية فى مصر تأتى كمنصة لتمكين الاستثمارات الروسية من التوسع في السوق الإفريقية، عبر بوابة مصرية تربطها اتفاقيات تجارة حرة مع بلدان الاتحاد الإفريقي، وهو ما يمنح المنتجات الروسية القدرة على النفاذ إلى الأسواق الإفريقية بتكلفة تنافسية، في المقابل، تستفيد مصر من المشروع عبر جذب استثمارات مباشرة، وخلق فرص عمل جديدة للشباب، ونقل المعرفة والخبرة الصناعية.
20 عامًا من الوعود
أكد القليوبي، أنه رغم الطموحات الكبيرة التي صاحبت الإعلان عن هذا المشروع، إلا أن تنفيذه ظل الحديث عنه لأكثر من 20 عاما، دون تقدم ملموس على أرض الواقع، ففي الوقت الذي تسير فيه مشاريع استراتيجية كبرى مثل محطة الضبعة النووية بخطوات متسارعة وواضحة، تظل المنطقة الصناعية الروسية محاطة بالغموض، وبطيئة في تحولها من اتفاق على الورق إلى منطقة صناعية على الأرض
التوازن بين روسيا والغرب
وقال إن أسباب هذا التباطؤ، بحسب تقديرات غير مؤكدة، قد تعود إلى سعي القاهرة للحفاظ على توازنات دقيقة في علاقاتها مع القوى الدولية الكبرى، وخاصة في ظل التوترات المتزايدة بين روسيا والغرب منذ اندلاع الأزمة الأوكرانية، وأضاف أن مصر تنتهج سياسة خارجية متوازنة، تسعى إلى الحفاظ على علاقتها المتقدمة مع موسكو دون الإضرار بتحالفاتها التقليدية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وتم توقيع الوثيقة بين الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وشركة روسية خاصة تم تأسيسها مؤخرًا، ستتولى دور المطور للمشروع.
وسيبدأ هذا العام سريان فترة تفضيلية مدتها ثلاث سنوات، يتم خلالها تخصيص الأرض دون مقابل بغرض تنفيذ أعمال الإنشاءات، وسيجرى تقديم المشروع للشركات الروسية بمقر بنك التنمية الروسي VEB.RF، كما سيتم الترويج له خلال منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي في يونيو المقبل، وكذلك في معرض "إينوبروم" المقرر عقده في يوليو في مدينة يكاترينبورج.
وأعرب عدد من شركات الأدوية بالفعل عن اهتمامها بالمشاركة في المشروع. وناقشنا عقود توريد محتملة في السوق المصري ذاته، لتأمين حصة سوقية داخل البلاد، مع التوجه المستهدف نحو أسواق الدول الأخرى كما ذكرت سابقًا.
وتكون شركات من قطاعات الصناعات الكيميائية، والهندسة الميكانيكية، ومواد البناء من بين المشاركين المحتملين في المنطقة الصناعية الروسية. ويكون الاهتمام الرئيسي من الجانب المصري يتركز في مجالات الهندسة والمنتجات المعقدة وصناعات كيميائية متنوعة، ليست فقط في المجال الصيدلي، ومواد البناء، خاصة أن مصر تشهد حاليًا نشاطًا مكثفًا في بناء المدن الجديدة.
وتهتم روسيا ببدء أعمال البناء في أقرب وقت ممكن، حيث تم توقيع وثائق رئيسية في المشروع، وستبذل كل جهد ممكن لتوقيع اتفاقيات تفصيلية لبناء مصانع وتشغيلها قريبًا.
وفي سياق آخر، تسوي مصر وروسيا 40% من معاملاتهما التجارية المشتركة بعملات أخرى بخلاف اليورو والدولار، وتشمل العملات الأخرى العملات المحلية، وأن هناك المزيد ليتم عمله بهذا الشأن، وهو ما جرى مناقشته خلال اجتماعات اللجنة الحكومية المشتركة
ومصر لديها أكثر من 70 اتفاقية تجارة حرة مع دول في مناطق مجاورة، وبالتالي فإن الإنتاج في هذه المنطقة سيوفر فرصة دخول عشرات الأسواق في إفريقيا والشرق الأوسط.
ونمت التجارة بين مصر وروسيا 32% العام الماضي لتجاوز 9 مليارات دولار وهي أعلى 150% عن مستوياتها قبل 5 أعوام.