في لحظات الصفاء قبل الفجر: الاستغفار وقت السحر سر القرب من الله ومفتاح ال

في عمق الليل، حين يهدأ الكون وتغفو الأعين، تشرق على القلوب لحظة ربانية من نوع خاص، هي وقت السحر؛ الوقت الذي ميّزه الله بفضل عظيم، وأثنى فيه على عباده الذين يتوجهون إليه بالاستغفار والدعاء. ومع تصاعد الهموم اليومية وتكاثر الابتلاءات، يزداد الحديث بين العلماء والدعاة عن قيمة هذا الوقت المبارك، ودوره في فتح أبواب الرحمة وتغيير الأقدار.
إنها عبادة لا يراها أحد، لكنها تسجَّل عند الله في أعلى عليين، وتُعد من أعظم مفاتيح الفرج وراحة النفس في زمن يعاني فيه كثيرون من ضيق الصدر وقلة الطمأنينة
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
“ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟”
(رواه البخاري ومسلم)
الاستغفار وقت السحر هو لحظة صفاءٍ روحي، يجد فيها القلب الطمأنينة، والنفس السلام، والروح قُربًا من الله. هو وقتٌ تتنزل فيه الرحمات، ويُفتح فيه باب الأمل لكل مهموم، ومريض، ومكروب، وطامح إلى التوبة والتغيير.
ومن أعظم ما يُقال في هذا الوقت المبارك:
• “أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه.”
• “اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، أوله وآخره، علانيته وسره.”
• “رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم.”
• “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعفُ عني.”
• “اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت… فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.” (سيد الاستغفار – رواه البخاري)
وليس الاستغفار مجرد طلب للمغفرة، بل هو أيضًا سبب للرزق، كما قال تعالى في سورة نوح:
“فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا، يُرسل السماء عليكم مدرارًا، ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جناتٍ ويجعل لكم أنهارًا” [نوح: 10-12].
ففي هذا الوقت، تتجدد النية، وتُمحى الخطايا، وتُكتب الأجور، ويُفتح باب التوبة لكل من طرقه. اجعل لك نصيبًا من سحر كل ليلة، ولو بدقائق من الاستغفار بقلب خاشع، فإنها قد تكون اللحظة التي يُغيّر الله بها قدرك، ويفتح لك بها أبواب الفرج والرحمة