عاجل

السفير الأمريكي السابق في الرياض: السعودية شهدت تحولات مذهلة بين زيارتي ترامب

ولي العهد السعودي
ولي العهد السعودي والرئيس الأمريكي في الرياض

قال الدبلوماسي الأمريكي مايكل راتني، الذي شغل منصب السفير الأمريكي لدى المملكة العربية السعودية في الفترة من عام 2023 إلى عام 2025، إن الكثير من السعوديين يُكنّون إعجابًا كبيرًا للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لأنهم "يرون فيه رجل أعمال صريحًا، يتحدث عن المصالح لا عن القيم، ولا يُلقي عليهم محاضرات عن حقوق الإنسان، ويشاركهم نفورهم من عقيدة التقدمية الواعية".

وفي مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" بالتزامن مع زيارة ترامب للمملكة، كتب راتني: "إذا لم تكن من مُحبي السعودية، أو ترامب، فلا بأس. يُمكنك إضافته إلى قائمة أسباب ازدراء السعوديين، مباشرةً بعد التعصب الديني، وتقييد حرية التعبير، وقطع الرؤوس. ولكن بعد أن قضيت قرابة عامين سفيرًا للولايات المتحدة في السعودية، وشاهدت عن كثب تحولها الملحوظ، أحثّ المُشككين على التدقيق فيما يجري هناك بالفعل، وما سيراه الرئيس ويسمعه خلال زيارته للرياض هذا الأسبوع، وكيف يُمكن أن يستفيد الأمن القومي الأمريكي من زيارة ناجحة أو أن يُعاني من زيارة سيئة".

بادرة احترام من ترامب للمملكة العربية السعودية

يشير السفير الأمريكي السابق في المملكة إلى أنه "من شبه المؤكد أن السعوديين وقادتهم سيعتبرون قرار ترامب بإجراء أول زيارة دولة له إلى بلادهم في هذه الفترة -كما فعل في ولايته الأولى- بادرة احترام حقيقية. وهذا يتناقض مع الرئيس جو بايدن، الذي بدأ إدارته بعد أن تعهد خلال حملته الانتخابية بجعل المملكة العربية السعودية دولة منبوذة". 

وأضاف: "لقد تحسنت العلاقات الأمريكية السعودية في نهاية المطاف في عهد بايدن -أفضل بكثير، في الواقع- خاصة بعد أن بدأنا التفاوض على اتفاقيات من شأنها أن تجمع البلدين كحلفاء معاهدة وشركاء اقتصاديين، وإقامة علاقات دبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وتعزيز آفاق قيام دولة فلسطينية. ومع ذلك، تطلع العديد من السعوديين إلى عودة السيد ترامب إلى البيت الأبيض، وعودته إلى الرياض".

تحولات المملكة على يد محمد بن سلمان

أوضح راتني أنه "حدث الكثير منذ زيارة ترامب عام 2017. أصبح محمد بن سلمان وليًا للعهد رسميًا بعد شهر واحد فقط. كان القائد الجديد منشغلًا بتعزيز سيطرته على الدولة السعودية وخوض حرب مروعة ضد حركة الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن. أُطلقت مؤخرًا رؤية 2030، برنامج التحول الاجتماعي والاقتصادي الذي وضعه محمد بن سلمان ولا يزال يقوده بجد، ولم يستوعبه السعوديون تمامًا بعد. ولا تزال المرأة السعودية غير قادرة على قيادة السيارة قانونيًا".

وتابع: "لقد كان التحول الذي شهدته البلاد منذ ذلك الحين مذهلاً. فقد أُلغيت معظم ما يُسمى بقوانين الولاية، التي كانت تُسيطر على كل جانب تقريبًا من جوانب حياة المرأة السعودية؛ وبات بإمكان المرأة السعودية الآن العمل في جميع القطاعات والهيئات الحكومية. قبل بضع سنوات، لم يكن بإمكان النساء حضور مباريات كرة القدم؛ أما الآن، فهناك دوري سعودي محترف لكرة القدم النسائية. أما الشرطة الدينية، التي كانت تُمثل جزءًا لا يتجزأ من حياة المملكة، فقد اختفت تمامًا. تُعتبر المملكة العربية السعودية الآن من أكبر المستثمرين العالميين في مجال الطاقة المتجددة، في إطار استراتيجية لضمان مستقبل مزدهر عندما لا يعود بإمكانها الاعتماد على احتياطياتها النفطية الهائلة.

وقال: "من بعيد، غالبًا ما يُنظر إلى ما فعله محمد بن سلمان على أنه مجرد علاقات عامة. لكن خلال فترة عملي سفيرًا في الرياض، وجدتُ أن المزاج العام مختلف تمامًا عما كان عليه خلال زيارتي الأولى قبل خمسة عشر عامًا. فالبلاد تشعر بمزيد من النشاط والثقة والطموح، وبالتأكيد أكثر وطنية، ولكنها أيضًا أكثر سعادة. كثير من السعوديين، حتى أولئك الذين لا يرحبون بكل تغيير، يُنسبون الفضل إلى محمد بن سلمان في هذا النحو".

وأكد أنه "بالطبع، الصورة ليست مثالية. لا تزال البلاد تستخدم عقوبة الإعدام بسخاء، حتى في ظل غياب الشفافية القضائية. واتُّهمت قوات الحدود السعودية بإطلاق النار على مهاجرين يحاولون عبور البلاد من اليمن. ولا يُقبل أي شيء يُشبه المعارضة السياسية إلا قليلاً. ورغم استثمارات السعودية في الطاقة المتجددة، لا تزال المملكة تعتمد بشكل كبير على ضخ النفط لتمويل تحولها الاجتماعي والاقتصادي.

لكنني أزعم أن المملكة العربية السعودية تسير بخطى سريعة نحو مسار أفضل، وأن نجاحها يصب في مصلحة أمريكا بشكل كبير. إنها دولة مزدهرة تُكمل طموحاتها العالمية طموحاتنا في مجالات الذكاء الاصطناعي والطاقة المتجددة والأمن. المملكة العربية السعودية قائدة للعالم العربي والإسلامي، تتبنى اليوم الإسلام المعتدل وترفض معاداة السامية. وتشاركنا المملكة اهتمامنا بتعزيز استقرار الشرق الأوسط، حيث لا يُحدث وكلاء إيران والإرهابيون الجهاديون دمارًا".

كيف يُشير ترامب إلى رغبة أمريكا في نجاح السعودية؟ 

حسب السفير الأمريكي السابق في المملكة، بإمكان الرئيس الأمريكي "البدء بتسهيل تصدير الرقاقات المتطورة التي ستُبقي صناعة الذكاء الاصطناعي المتنامية في أمريكا متصلة بصناعتنا، وأنظمة الدفاع التي تربط جيشها بجيشنا. بإمكانه إخبار محمد بن سلمان أن الجامعات الأمريكية سترحب دائمًا بالطلاب والباحثين وأعضاء هيئة التدريس السعوديين، كما ترحب الجامعات السعودية بجامعاتنا، ولكن بإمكانه أيضًا أن يُخبرنا أن كيفية معاملة أي دولة للمواطنين الأمريكيين تُمثل اختبارًا حاسمًا لنا".

وقال: "ينبغي على السعودية أن تسمح للمواطنين الأمريكيين الذين تُمنعهم من مغادرة البلاد بسبب "جرائم" بريئة، مثل نشر محتوى سياسي على مواقع التواصل الاجتماعي، بالعودة إلى عائلاتهم في الولايات المتحدة. لا شك أن على السيد ترامب استغلال الزيارة لدفع عجلة التطبيع السعودي الإسرائيلي، لكنني أتوقع أنه سيدرك استحالة تحقيق محمد بن سلمان ذلك طالما استمرت حرب غزة، وحتى تتمكن حكومة إسرائيلية من دعم مسار إقامة دولة فلسطينية".

وأضاف: "ما قد يسمعه ترامب في المقابل هو أن السعودية مصممة على ألا يعيقها أي شيء عن تحولها. لا صراعات إقليمية، ولا اضطرابات اقتصادية، ولا صواريخ حوثية، ولا اضطرابات داخلية. وإدراكًا منه أن أيديولوجية الإيرانيين لن تتغير، وأن الشرق الأوسط لن يهدأ قريبًا على الأرجح، قد يرى محمد بن سلمان الولايات المتحدة الشريك المفضل للسعودية، ويريد أن تربط بلاده ببلادنا علاقة معاهدة، وهي وثيقة الضمان الأمثل في منطقة مليئة بالمخاطر".

وأكد: "ربما ينظر الزعيم السعودي أيضًا إلى تدهور علاقات أمريكا مع أقرب حلفائنا ويتساءل: إذا كانت هذه هي الطريقة التي تعامل بها أمريكا أصدقاءها، فكيف ستعاملنا في المستقبل؟ إن معاهدة تربطنا بالسعوديين ستربطهم بنا أيضًا - بتقلباتنا، وعداءنا المتزايد للتحالفات، واستعدادنا لقلب البنى الاقتصادية العالمية التي لطالما خدمت مصالح السعوديين والولايات المتحدة".

واختتم السفير الأمريكي السابق في السعودية: "في حين رحّب العديد من السعوديين العاديين بإعادة انتخاب السيد ترامب، أبدى كثيرون آخرون في الحكومة وقطاع الأعمال تقديرهم لقدرة السيد بايدن على التنبؤ. إذا كنت تستثمر تريليونات الدولارات في مستقبل متغيّر في منطقة شديدة التقلب، فإن القدرة على التنبؤ هي أحد الأمور التي ترغب بها من حليف. يبدو أن المملكة العربية السعودية تريد ترسيخ طموحاتها في الولايات المتحدة، بالشراكة مع جيشنا، وقطاع التكنولوجيا لدينا، ومؤسساتنا التعليمية. لكن لدينا منافسة، وفي عالمنا متعدد الأقطاب الذي نجد أنفسنا فيه جميعًا، لدى المملكة العربية السعودية خيارات.

لا أعلم ما إذا كان محمد بن سلمان سيقول أي شيء من هذا بصوت عالٍ، ولكن ينبغي للسيد ترامب أن يفترض أن هذا هو ما يفكر فيه".

تم نسخ الرابط