كيفية قراءة سورة البقرة بنية قضاء الحاجة.. طمأنينة للقلوب واستجلاب للفرج

في ظل ما يمر به الإنسان من أزمات، يلجأ الكثيرون إلى سورة البقرة بحثًا عن السكينة وقضاء الحاجة واستمدادًا للعون من الله سبحانه وتعالى، والتي ارتبطت في الوعي الإسلامي بالبركة، وطرد الشياطين، وقضاء الحوائج. هذه السورة الكريمة، وهي الأطول في القرآن، باتت تمثل نافذة رحمة وفرج للمسلمين، خصوصًا لمن يقرؤونها بنيّة قضاء الحاجة
وفي هذا الإطار، توضح دار الإفتاء المصرية وعدد من العلماء والباحثين في الشريعة، أن قراءة سورة البقرة بنية قضاء الحاجة لا يدخل في باب البدع كما يظن البعض، بل هو من قبيل التوسل المشروع بالأعمال الصالحة، شريطة أن تكون النية خالصة لله، مع الإيمان الجازم بأن قضاء الحاجات بيد الله وحده، وأن التلاوة ليست بذاتها وسيلة مادية، وإنما بابًا يُطرق طلبًا للرحمة والتيسير

وكثير العلماء يُوصون بجملة من الآداب والخطوات التي تُعين القارئ على الاستفادة القصوى منها، ومنها:
1. الوضوء والطهارة: يُستحب أن يكون القارئ على وضوء، وفي مكان طاهر، مستقبلًا القبلة إن أمكن.
2. استحضار النية: أن يُخلص القارئ النية لله، ويُحدد حاجته بوضوح في قلبه، طالبًا الفرج من رب العباد.
3. القراءة بتدبر: لا يُشترط الإسراع في القراءة، بل الأفضل تدبر المعاني، والتفاعل مع الآيات بالدعاء والرجاء.
4. قراءة كاملة أو متقطعة: يمكن قراءة السورة كاملة في جلسة واحدة، أو على يومين أو ثلاثة، حسب قدرة القارئ، مع المحافظة على النية والربط بالهدف.
5. الإكثار من الدعاء بعد القراءة: بعد إتمام السورة، يُكثر المسلم من الدعاء بقلب خاشع، يسأل الله حاجته، ويطلب الفرج منه.
6. الاستمرار على التلاوة: يُنصح بتكرار قراءة سورة البقرة بشكل دوري، وعدم جعلها مرة واحدة فقط، إذ أن استمرار التلاوة يزيد من البركة ويقوّي الرجاء
فضل سورة البقرة
سورة البقرة هي أطول سور القرآن الكريم، وقد احتلت مكانة عظيمة في قلوب المسلمين لما تحويه من أحكام، ومواعظ، وآيات تتناول شتى مجالات الحياة، من عقيدة، وعبادة، ومعاملات. وقد أثنى النبي محمد صلى الله عليه وسلم عليها في أحاديث كثيرة، مما يدل على عظيم فضلها، وأنها ليست مجرد سورة للقراءة، بل سلاح روحي ومعنوي يحصّن النفس والبيت من الشرور.
بركة لا تنقطع
قال النبي صلى الله عليه وسلم:
“اقرؤوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة.” [رواه مسلم]
في هذا الحديث، يُشير النبي إلى أن قراءة سورة البقرة تجلب البركة، وهي تشمل كل أوجه الخير، من سعة في الرزق، وطمأنينة في القلب، وحماية من الشر، وهدوء في المنزل. أما “الترك”، فهو حسرة على من فرّط فيها وخسر هذه النعم، و”البطلة” كما فسّرها العلماء هم السحرة، أي أن هذه السورة قوية لدرجة أن أصحاب السحر والشعوذة لا يقدرون على مجاراتها أو تأثيرها.

حرز من الشيطان
جاء في الحديث الصحيح: “لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن الشيطان ينفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة.” [رواه مسلم]
هذا الحديث يُبين أن تلاوة سورة البقرة في البيوت لا تطرد الشيطان فحسب، بل تمنع دخوله أصلاً. فالبيت الذي تُقرأ فيه بانتظام يكون محفوظًا من الوساوس، والمشاكل، والطاقات السلبية التي يسببها الشيطان.
ولذلك ينصح العلماء والمسلمون بعضهم بعضًا بقراءة السورة في البيوت، أو على الأقل تشغيلها إن لم يتمكن الشخص من قراءتها كاملة، خاصة في أوقات التوتر، أو عند الشعور بالضيق غير المبرر، أو إذا كثرت المشكلات بين أفراد الأسرة.
آية الكرسي.. جوهرة في وسط سورة البقرة
من أبرز آيات سورة البقرة آية الكرسي (الآية 255)، وهي أعظم آية في القرآن كما جاء في الحديث:
“يا أبا المنذر، أتدري أي آية من كتاب الله معك أعظم؟” قال: قلت: الله لا إله إلا هو الحي القيوم. فضرب في صدري وقال: ليهنك العلم أبا المنذر.” [رواه مسلم]
وقد ورد أيضًا أن من قرأها بعد كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت، وهي حرز قوي من الشيطان إن قُرئت صباحًا ومساءً.

خواتيم سورة البقرة.. كفاية وحفظ
أما آخر آيتين من السورة (285–286)، فقد ورد عنهما حديث عظيم:
“من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه.” [رواه البخاري ومسلم]
وكلمة “كفتاه” فسّرها العلماء بأنها تكفي القارئ شر الشيطان، وتغنيه عن قيام الليل إن لم يستطع، وتحفظه من البلاء.
كنز من السماء
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله:
“أُعطيتُ من كنز تحت العرش، لم يُعطَ نبي قبلي: فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة، لم يقرأهن عبد في بيته في ليلة، فيكفيه الله كل سوء.” [أخرجه الدارمي وغيره]
وهذا يوضح أن السورة، وبالأخص خواتيمها، هدية إلهية عظيمة لحماية المؤمنين وجلب الخير لهم