هل يجوز إهداء لحم الأضحية لغير المسلم؟ آراء المذاهب الفقهية بالتفصيل

تعد الأضحية من الشعائر الإسلامية التي يتقرب بها المسلمون إلى الله تعالى خلال عيد الأضحى المبارك، ومن المسائل التي يكثر التساؤل عنها هل يجوز للمسلم أن يُعطي جزءًا من لحم أضحيته لغير المسلم؟ هذا السؤال يتطلب بحثًا فقهيًا دقيقًا يستند إلى النصوص الشرعية وآراء العلماء.
الأساس الشرعي لإعطاء غير المسلمين من الأضحية
أوضحت دار الإفتاء المصرية، أنه لا مانع من إعطاء غير المسلمين من لحم الأضحية، سواء كانوا فقراء أو من الأقارب أو الجيران أو بهدف تأليف قلوبهم.
واستندت الإفتاء، في ذلك إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما: "صِلي أمك"، ، وإلى قوله تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ﴾ .
آراء المذاهب الفقهية
تباينت آراء المذاهب الفقهية في هذه المسألة:
- الحنفية والحنابلة: يرون جواز إعطاء غير المسلمين من لحم الأضحية، خاصة إذا كان ذلك لتأليف القلوب أو بسبب الجوار أو القرابة.
- المالكية: يعتبرون ذلك مكروهًا، ويُفضلون إعطاء المسلمين.
- الشافعية: يُحرّمون إعطاء غير المسلمين من الأضحية الواجبة، ويكرهون ذلك في الأضحية المندوبة.
الاعتبارات الاجتماعية والإنسانية
من الناحية الاجتماعية، يُعتبر إهداء جزء من الأضحية لغير المسلمين من مظاهر حسن الجوار والتعايش السلمي.
وقد أشارت دار الإفتاء، إلى أن هذا الفعل يُسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية ويُظهر سماحة الإسلام في التعامل مع الآخرين.
الضوابط الشرعية
مع جواز إعطاء غير المسلمين من لحوم الأضاحي، إلا أنه يُشترط ألا يكونوا من المحاربين للمسلمين. كما يجب أن يُراعى في ذلك عدم التفريط في حقوق المسلمين المحتاجين.
يجوز للمسلم أن يُعطي غير المسلم من لحم الأضحية، خاصة إذا كان ذلك لتأليف القلوب أو بسبب الجوار أو القرابة.
ويُستحب أن يُراعى في ذلك التوازن بين حقوق المسلمين وغير المسلمين، مع الالتزام بالضوابط الشرعية.
وفي النهاية، يتضح من أقوال العلماء واجتهاداتهم أن الإسلام دين رحمة وتسامح، يراعي العلاقات الإنسانية ويحث على الإحسان للجميع دون تمييز. فإعطاء غير المسلمين من لحم الأضحية، في ضوء الضوابط الشرعية، يُعد من صور حسن الخلق والتعايش السلمي، ويُجسد القيم العليا التي جاء بها الإسلام. ومع مراعاة حقوق الفقراء من المسلمين، يظل الباب مفتوحًا للتوسعة في العطاء، والتقرب إلى الله بالرحمة والمودة مع الآخرين.