"الحج المبرور" .. المفهوم الحقيقي لمعنى الكلمة وكيف يتحقق؟|فيديو

تداول عبارة "حج مبرور" بين المسلمين عند توديع الحجاج أو استقبالهم، ليس مجرد تعبير روتيني، بل دعاء عميق يعكس أمنية صادقة بأن يكون حج الشخص مقبولًا عند الله، خاليًا من المعاصي، ومكللًا بالرحمة والمغفرة؛ هذا ما أكدته الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوارها مع الإعلامية سالي سالم في برنامج "حواء"، المذاع على قناة "الناس".
شرح لمعنى البر في الحج
استشهدت الدكتورة زينب بحديث نبوي شريف لتوضيح معنى "الحج المبرور"، فقالت: "حين سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال، قال: الحج المبرور. ولما سُئل عن معنى بر الحج، أجاب: إطعام الطعام، وطيب الكلام".
وأوضحت أن هذا الحديث يُبرز أن جوهر البر هو الكرم في التعامل والخلق الحسن، مشيرة إلى أن هذه الصفات ينبغي أن تكون حاضرة طوال رحلة الحج، وخاصة أثناء الزحام والاختبارات النفسية والبدنية التي يتعرض لها الحجاج.
سلوكيات تفسد العبادة
أوضحت أمينة الفتوى أن بعض السلوكيات التي تصدر من الحجاج تحت ضغط الزحام، كالتدافع، وضيق الصدر، والتلاسن، تبتعد عن روح الحج المبرور، الذي ينبغي أن يتسم بالهدوء والسكينة والتواضع.
وشددت على أن ضبط النفس والتحلي بالصبر، هما من علامات المؤمنين الصادقين، وخاصة في موسم الحج الذي يُعد تدريبًا عمليًا على التخلّي عن الأنا والتحلي بالتسامح.
صدق النية وصفاء القلب
بيّنت الدكتورة زينب أن كلمة "مبرور" مشتقة من "البر"، وهو الصدق والوفاء، كما في التعبير العربي "برّ يمينه"، أي صدق فيها؛ وبالتالي، فالحج المبرور هو ذلك الذي أُدي بإخلاص، بعيدًا عن الرياء والمفاخرة أو السعي وراء المظاهر، إذ أن بعض العلماء فسّروا "الحج المبرور" بأنه الحج المقبول عند الله، الذي لا يخالطه إثم أو جدال أو معصية.
خصصت أمينة الفتوى جانبًا للحديث عن حج النساء، مشيرة إلى أن "حج حواء المبرور" يتحقق من خلال الالتزام بمحظورات الإحرام، وأداء المناسك بدقة، والحفاظ على الخلق الكريم وسط الزحام.
ولفتت إلى أهمية أن تضبط المرأة تصرفاتها، وتمتنع عن الجدال أو الاحتكاك أو الكلمات المسيئة، قائلة: "الحج ليس فقط أداء مناسك، بل هو رحلة تهذيب للنفس، وعودة نقية إلى الله".

النية هي المفتاح والضابط
أكدت الدكتورة زينب أن النية الخالصة لله هي الأساس في قبول الحج، مشددة على أن أي عمل صالح لا يكتمل إلا بإخلاص النية وصدق التوجه، قائًلا: "خلونا نعلّم أنفسنا أن الحج مش طواف وسعي بس، لكن هو تجديد للعهد مع الله، وغسل للقلب من شوائب الدنيا، وسعي للصفاء الداخلي".
اختتمت السعيد حديثها بتأكيد أن الحج المبرور لا يقتصر على الطقوس، بل يتعداها ليشمل القيم السلوكية والأخلاقية التي ينبغي أن تنعكس على حياة الإنسان بعد عودته، فالحج المبرور، كما وصفه النبي، هو "ذنب مغفور وسعي مشكور"، يتحقق عندما يعود الحاج بنفس نقية وعقل متزن وسلوك راقٍ.