خالد الجندي يحذّر من الجدل العقيم: قل الله أعلم .. وأرح قلبك|فيديو

وجّه الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، رسالة هامة إلى جمهور المسلمين حول آداب الحوار والجدل، محذرًا من الانسياق وراء الجدل العقيم الذي لا يقود إلى نتيجة، بل يستنزف الجهد ويشيع الفوضى الفكرية.
وفي حديثه خلال حلقة الإثنين من برنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على قناة "dmc"، شدد الجندي على أن الإنسان العاقل ينبغي له أن يتوقف عن الجدل فور إدراكه أن الطرف الآخر لا يبحث عن الحق، بل يتعمد العناد والمكايدة.
سلاح الحِكْمة أمام المكابر
وأوضح الجندي أن أفضل وسيلة لإنهاء الجدل مع الشخص المُكابر والمراوغ، هي استخدام عبارة واحدة فقط: "الله أعلم"، معتبرًا أن هذه الكلمة لها وقع بالغ في غلق باب المهاترات، ومفعولها أشبه بالقاطع الذي ينهي الحوار فورًا دون إساءة.
وقال: "سيدنا يعقوب عليه السلام، لما كان أولاده بيجادلوه، ما أصرش على الرد، لأن المجادلة مع من لا يريد الحقيقة لا تنفع. أنا بريح قلبك وبقولك: لو لقيت واحد بيجادل وخلاص، قول له (الله أعلم)، وارتاح".
مكانة الكلمة عند المجادلين
وأشار الجندي إلى رأي شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا السياق، قائلاً: "قال ابن تيمية: ما رأيتُ كلمة أشد على نفس المجادل من قولك له: الله أعلم"، موضحًا أن هذه العبارة تقطع عليه طريق الجدل وتُسقط عنه لذة المكابرة.
وأضاف: "لكن، مهم جدًا نعرف فين ومتى نقولها... ما ينفعش أقولها لعالم بيسألني، ده يبقى سوء أدب، لأن من حقه يعرف، وأنا لازم أجاوب بوضوح: أعلم أو لا أعلم".
عمر بن الخطاب والملائكة
ضرب الشيخ مثالًا بحادثة تاريخية حدثت مع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، عندما سأل رجلاً عن شخص فأجابه بـ"الله أعلم"، فغضب عمر وقال: "قد خسرنا إن لم نعلم أن الله أعلم"، في إشارة إلى أن الجواب لا ينبغي أن يكون مراوغة، بل دقة في المعلومة.
كما استشهد بموقف الملائكة حين سألهم الله عن الأسماء، فقالوا: "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا"، مشددًا على أن استخدام الكلمات يجب أن يكون بوعي وسياق.
استخدام العبارات الفضفاضة
تطرق الجندي إلى ظاهرة شائعة بين الناس تتمثل في استخدام عبارات مثل "الله أعلم" أو "الحمد لله" في غير مواضعها، ما يؤدي أحيانًا إلى السخرية أو الغموض، قائلاً: "ابنك راجع من الامتحان، بتسأله: جاوبت؟ يقولك: الحمد لله! طب فين الجواب؟ فين المعلومة؟".
وأضاف: "الحمد لله كلمة عظيمة، لكن استخدامها في غير محلها بيسبب لبس، ويمكن يتحول لاستهانة أو استخفاف بدون قصد".

أدب الحديث واجب
اختتم الجندي حديثه بتأكيده أن الكلمة مسؤولية، مشيرًا إلى أن وضع الكلمة في غير موضعها قد يسبب فتنة أو إساءة دون نية، داعيًا الجميع إلى الانتباه لاختيار ألفاظهم، خصوصًا في زمن كثر فيه الجدل وانتشرت فيه ثقافة الرد لمجرد الرد.
وشدد: "الكلمة لو اتحطت في مكانها، تبقى نور وهداية، لكن لو اتقالت غلط، تبقى فتنة أو قلة ذوق، أو حتى قلة أدب بدون ما تقصد، فاختار كلامك... وتجنّب المجادلة مع من لا يريد الحق".