ترامب يقلب الوضع رأسًا على عقب
أوروبا والولايات المتحدة تصعد الضغط على روسيا بشأن أوكرانيا

طالبت أوروبا وأوكرانيا باتفاق بشأن وقف إطلاق النار غير المشروط لمدة 30 يومًا الذي اقترحته إدارة ترامب قبل شهرين، وصرح القادة الأوروبيون بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد دعم شخصيًا خطتهم، وهدد بفرض عقوبات إذا رفضت روسيا الانضمام بحلول اليوم الاثنين، في مكالمة هاتفية، وفقًا لتقرير شبكة CNN.
حتى أن المبعوث الخاص لترامب إلى أوكرانيا كيث كيلوج، انضم إلى مجموعة من حلفاء الولايات المتحدة الذين يطالبون روسيا بالالتزام بمطلب وقف إطلاق النار، لكن بعد ذلك، تحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رافضًا.
وهكذا تحطمت الوحدة عبر الأطلسي، وانتهز ترامب اقتراح الكرملين، مكتفيًا بالتصريح على صفحته على "Truth Social" بأن بوتين لا يريد وقف إطلاق النار، وضغط بدلًا من ذلك على الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قائلاً: "اعقدوا الاجتماع الآن!!!"
كان ترامب صامتًا بشكل ملحوظ بينما أعلن حلفاء الولايات المتحدة القدامى عن وحدتهم الجديدة، وعندما تحدث بوتين، عاد ترامب إلى تحالفه، لم يبقَ أمام زيلينسكي سوى إظهار التزامه الشخصي وشجاعته، وعرض عقد لقاء مباشر مع بوتين، الرجل المتهم بارتكاب جرائم حرب ضد بلاده، وهذه خطوة صعبة عليه محليًا.
واشنطن وموسكو يدبران اتفاق للسلام
من المهم ألا نستبعد احتمال أن موسكو وواشنطن تُدبّران، خلف الكواليس، شيئًا يُقرّب العالم من السلام، ولكن بينما كان ترامب يتحدث، بدا أن القادة الأوروبيين بدورهم قد التزموا الصمت، أما سماء أوكرانيا فلم تفعل.
أطلقت روسيا 108 طائرات مسيرة ونفذت ضربات، من بينها واحدة حاصرت طفلة في العاشرة من عمرها تحت الأنقاض في منطقة خيرسون، في الليلة التي طُلب فيها وقف إطلاق النار.
قادة أوروبا متشككين
بدا قادة أوروبا متشككين بشدة في أن يحظى عرضهم بموافقة موسكو، بل قد يجادل المتشككون بأن الهدف من هذه المناورة هو إثبات للبيت الأبيض أن بوتين غير مهتم بالسلام، أو حتى بمقترح وقف إطلاق النار المحدد، الذي سعت إليه إدارة ترامب.
ولكن لم يكن هذا هو "الكشف" الوحيد الذي حصلت عليه أكبر أربع قوى عسكرية أوروبية خلال زيارتها المعقدة والطويلة إلى العاصمة الأوكرانية، فقد حسّن ترامب أيضًا نظرتهم إلى موقفه الحقيقي.
أصبح بوتين الآن أكثر جرأة، فقد تمكن من تجاهل المطلب الأوروبي والأوكراني تمامًا، ناهيك عن ذكره بشكل مباشر، كما لم يواجه حتى الآن، أيًا من "العقوبات الشاملة" على روسيا، ولم يزد المساعدات العسكرية لأوكرانيا التي يبدو أن أوروبا تُشير إلى أن ترامب يدعمها، في حال عدم التوصل إلى وقف إطلاق النار.
وأصبح اقتراح بوتين بإجراء محادثات مباشرة في إسطنبول، وهو اقتراحٌ لم يكن جديدًا هناك، وقد أشار الرئيس الأمريكي إلى احتمالية وجود عواقب في حال عدم جدوى تلك المحادثات. ولكن، برزت خطوةٌ أخرى بين خيانة روسيا لاهتمامها بالسلام، وتصعيد حلفاء أوكرانيا لإجراءاتهم ضد موسكو.
إحجام ترامب عن اتخاذ قرارات مضرة للكرملين
الموضوع الرئيسي والمستمر طوال الأشهر القليلة الماضية من الفوضى هو إحجام ترامب عن اتخاذ خطوات تُضر بعلاقته مع الكرملين، لا نعلم ما إذا كان ترامب وبوتين قد تحدثا خلال الفترة الفاصلة بين زيارة الأوروبيين إلى كييف ونشر ترامب منشوراته على موقع "Truth Social".
اجتماع اسطنبول
يُعدّ اجتماع إسطنبول، إن عُقد بالفعل، خطوة بالغة الخطورة، ولكن بوتين وزيلينسكي يحتقران بعضهما البعض بشكل واضح، فالأول يرى الثاني خائنًا مؤيدًا لأوروبا ورمزًا للنجاح نابعًا من الانحدار الإمبراطوري الذي لم يتقبله بيروقراطية الحقبة السوفيتية بعد. أما الثاني فيرى الأول الرجل الذي غزا بلاده بلا رحمة ودون سبب، ويقصف الأطفال بلا هوادة كل ليلة، من المرجح أن يفشل الرجلان في إيجاد أرضية مشتركة بدلًا من أن يخرجا متصالحين، مع طريقٍ مستقبلي.
ليس من المستبعد أن يحاول البيت الأبيض، بحضور وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو في تركيا في الموعد المقترح، وترامب في المنطقة، تسهيل اللقاء. ومع ذلك، لم يوافق بوتين حتى الآن على الحضور، رغم اقتراحه إجراء محادثات مباشرة، مما يجعل أي قبول يبدو الآن وكأنه بادرة سلام كبرى، إن انخراط الولايات المتحدة بشكل مبالغ فيه قد يأتي بنتائج عكسية على علاقاتهما مع الجميع تقريبًا.