عاجل

كيفية رمي الجمرات في أيام التشريق.. خطوة بخطوة كما فعل النبي

رمي الجمرات
رمي الجمرات

يُعد رمي الجمرات أحد أبرز مناسك الحج التي يؤديها الحجاج خلال أيام التشريق، والتي تبدأ من اليوم الحادي عشر من شهر ذي الحجة وتستمر حتى الثالث عشر منه، ويبدأ الحجاج في أداء هذا النسك بعد إتمام وقفة عرفات والمبيت في مزدلفة، ليواصلوا مناسكهم في مشعر منى، حيث ترمى الجمرات الثلاث الصغرى، الوسطى، ثم جمرة العقبة الكبرى، اتباعًا لهدي النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

في السطور التالية، نوضح كافة التفاصيل المتعلقة بأحكام رمي الجمرات، وعدد الحصيات، ومكان جمعها، وبيان آراء العلماء الأربعة والمصادر الموثقة التي استندت إليها هذه الأحكام، في إطار مبسط ومتكامل يعين الحاج على أداء هذا الركن العظيم من أركان الحج.

رمي الجمرات في السنة النبوية

بحسب ما ورد عن الصحابة رضي الله عنهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ برمي الجمرة الصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة الكبرى، كل واحدة منها بسبع حصيات متعاقبات، ويُكبّر مع كل حصاة، كما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «يُكبِّر مع كل حصاة»، وهذا التكبير سنة نبوية مؤكدة.

ويُستحب الوقوف للدعاء بعد رمي الجمرة الصغرى والوسطى، حيث يدعو الحاج مستقبِلًا القبلة، بما شاء من الدعاء، ولا يُسن الوقوف بعد رمي جمرة العقبة الكبرى، وهو ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على تيسير هذا النسك وعدم التشديد فيه.

هل يجب جمع الحصيات من مزدلفة؟ الفتوى ترد

أحد أكثر الأسئلة التي ترد من الحجاج هي هل يُشترط جمع حصى الجمرات من مزدلفة تحديدًا؟ وقد أجابت دار الإفتاء المصرية على هذا السؤال بوضوح، مؤكدة أن الحاج لا يجب عليه أن يلتقط الحصيات من مكان بعينه، وإنما يجوز له جمعها من أي مكان شاء، سواء من منى أو من أي مكان طاهر.

وقد استدلت الدار بما رواه الإمام أحمد في "المسند"، وابن ماجه والنسائي، عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، قال: قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وآله وسلَّم غداةَ العَقَبةِ وهو على راحلته: «هات الْقُطْ لي»، فلقَطْتُ له حَصَياتٍ هنَّ حَصى الخَذْفِ، فلما وضعتهن في يده، قال: «بأمثالِ هؤلاءِ، وإيَّاكم والغُلُوَّ في الدِّينِ؛ فإنَّما أهلَكَ مَن كان قَبْلكم الغُلُوُّ في الدِّينِ».

هذا الحديث النبوي الشريف يوضح أن النبي لم يشترط جمع الحصى من مزدلفة، بل التقطها في منى، وهو ما يدل على أن الأمر فيه يُسر وسَعة، ويُنهى فيه عن الغلو والتشدد، الذي نهى عنه الإسلام عمومًا.

رأي المذاهب الأربعة في جمع الحصى: اتفاق على الجواز


اتفق الأئمة الأربعة – أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد بن حنبل – على أن جمع الحصى للرمي يجوز من أي موضع طاهر، ولا يشترط مكان معين. وما ورد في بعض كتب الفقه من كراهة جمعها من أماكن محددة إنما يعود لاعتبارات خاصة تتعلق بالنظافة أو الطهارة، وليس لفساد الرمي ذاته.

وبالتالي، يجوز للحاج أن يجمع الحصيات من الطريق أو من منى أو من أي أرض طاهرة، بشرط أن تكون الحصيات من جنس الحصى، لا من الطين أو الطوب أو ما يجرح.

كم عدد الحصيات التي يرمي بها الحاج؟

يبلغ عدد الحصيات الإجمالي خلال الحج سبعين حصاة: سبع منها تُرمى يوم النحر (يوم العيد) في جمرة العقبة الكبرى، ثم تُرمى كل من الجمرات الثلاث أيام التشريق، بمجموع إحدى وعشرين حصاة يوميًا، أي 63 حصاة على مدار الأيام الثلاثة، ليُصبح المجموع الكلي 70 حصاة.

ويجب أن تكون الحصيات صغيرة الحجم – تقريبًا في حجم حبة الحمص – كما ورد في السنة، وأن تُرمى متعاقبة، واحدة بعد الأخرى، لا دفعة واحدة.

متى يُؤدى الرمي؟ وما هو وقت التفضيل؟

اتفقت المذاهب الأربعة على أن وقت رمي الجمرات يبدأ بعد زوال الشمس، أي بعد دخول وقت الظهر، ويستمر حتى غروب الشمس، أما من رمى بعد غروب الشمس بعذر كمرض أو زحام شديد، فلا إثم عليه.

ويُستحب التبكير بالرمي بعد الزوال، والحرص على الالتزام بترتيب الجمرات كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، إذ بدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة الكبرى.

التعجل في الحج: هل هو جائز؟

يجوز للحاج أن يتعجل في الخروج من منى بعد اليوم الثاني عشر من ذي الحجة، بشرط أن يكون الرمي قد تم، وأن يغادر منى قبل غروب الشمس.

قال الله تعالى: "فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى" [البقرة: 203]، ومن تأخر إلى اليوم الثالث عشر، فعليه أن يرمي الجمرات في هذا اليوم أيضًا بنفس الترتيب والعدد.

رمي الجمرات شعيرة عظيمة وسُنة نبوية رفيعة

في النهاية، يتأكد لنا أن رمي الجمرات عبادة عظيمة تُجسد معنى الاتباع والطاعة، وفيها روح التسليم والتقرب إلى الله. وقد راعت الشريعة الإسلامية التيسير في أدائها، سواء في ترتيب الرمي، أو مكان جمع الحصى، أو وقت الرمي، مراعية ظروف الحجاج واختلاف قدراتهم.

تم نسخ الرابط