عاجل

عيدان ألكسندر.. "واجب الضيافة" الذي قدمته حماس لرجل الأعمال الذي يحكم أمريكا

تظاهرة لأهالي المحتجزين
تظاهرة لأهالي المحتجزين الإسرائيليين - أرشيفية

يأتي إعلان حركة حماس موافقتها على إطلاق سراح الرهينة الأمريكي عيدان ألكسندر، المحتجز لدي الحركة، بمثابة "واجب ضيافة" تقدمه للرئيس دونالد ترامب بمناسبة قدومه إلى الشرق الأوسط حاملا أفكار إيجابية، كما أشار عدد من كبار إدارته.

هذه المرة، يأتي ترامب طارحا عن ذهنة فكرة "ريفييرا غزة" التي كان يحلم بها، وإن لم يتخل عنها تماما فيما يبدو، حيث تناولت تقارير صحفية رغبة واشنطن في أن يكون هناك "حاكم أمريكي" للقطاع. لكنه، كأي رجل أعمال، يمكن أن يكون أشاع هذه الرغبة فقط ليزيد من كروت التفاوض.

ليست حماس ندٍ قوي لإسرائيل مثل مصر التي تتناثر التقارير العبرية خوفا من تنامي قدراتها العسكرية، والتي ردعت أفكار ترامب برفض واضح، ولا شديدة الثراء مثل دول الخليج التي يطمح الرئيس الأمريكي أن يحصد منها صفقات تريليونية. فقط هي فصيل مقاوم استطاع أن يحصد بضع مكاسب في لحظة من الزمن قبل أن تدك الطائرات الإسرائيلية كل ما هو فوق أرض غزة.

ومن بين هذه المكاسب كان ألكسندر، الإسرائيلي الذي يحمل الجنسية الأمريكية، والذي استغله طرفي الصراع -إسرائيل وحماس- منذ أكتوبر 2023، وحتى بدأ الإعداد لرحيله مع مبعوث ترامب الخاص وحليفه القوي، ستيف ويتكوف، وهو رجل أعمال آخر فضّل ترامب أن يرسله إلى أخطر النزاعات وأدق الخصوم.

عيدان ورفاقه.. ورقة ضغط للطرفين

منذ أن وقع في أسر حركة حماس، كانت تل أبيب تتخذ عيدان ألكسندر، ورفاقه من الأسرى ممن يحملون الجنسية الأمريكية، ورقة ضغط على إدارة الرئيس السابق جو بايدن، الذي دائما ما كان يسخر منه ترامب باعتباره عجوز منهك لا يقدر على حسم الأمور. 

وبينما كان بايدن حتى نهاية فترته الرئاسية الأخيرة حائرا، تارة يُطلق يد إسرائيل لتنفذ مجازرها الوحشية، وأخرى يتبادل عبارات الغضب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كانت حماس تنقل عيدان ورفاقه من أجل الحفاظ على ورقة ضغط على كلا الرجلين -بايدن ونتنياهو- وحتى عندما قتلت إسرائيل بعضهم كانت حماس تنقذ ورقتها الأخيرة، التي حان وقت تقديمها اليوم، عندما يزور العائد إلى البيت الأبيض المنطقة مرة أخرى.

حتى الآن، لم يُعلن أي من الطرفين المتصارعين أية مكاسب حقيقية من عملية إطلاق الأسير الأمريكي. لكن طبيعة ترامب ومبعوثه ويتكوف التي اعتادت ألا يوجد شيء بلا مقابل، تعلم جيدا أن أول ما سيقدمونه هو هدنة أخرى ووقف حرب التجويع والسماح بدخول الغذاء إلى قطاع غزة. لكن ربما هناك المزيد الذي قد ينكشف الأيام المقبلة.

أما حماس قالت في بيان، إنها "أبدت إيجابية عالية" في المحادثات، وأعربت عن استعدادها "للشروع الفوري في مفاوضات مكثفة للتوصل إلى اتفاق نهائي" يشمل وقف الحرب وتبادل الأسرى، إلى جانب إدارة قطاع غزة من قبل جهة مهنية مستقلة، تضمن "الهدوء والاستقرار لسنوات طويلة، والإعمار وإنهاء الحصار".

رغم الخلاف.. ترامب يشكر جهود القاهرة لإطلاق سراح ألكسندر

أيضا، بالطبع، هناك الوسيطان الأساسيأن اللذان يديران عملية المفاوضات بأكلمها، مصر وقطر. أولهما اللاعب الأكبر في المسرح السياسي للمنطقة قبل أن تولد إسرائيل، والآخر طرف موثوق لدى الجميع منذ أعوام. وحتى عندما حاول بعض اللاعبين في المشهد السياسي الإسرائيلي إهالة المزيد من الرمال على حكومة نتنياهو الغارقة في مستنقع الفساد، زجوا بالوسيطين في قضية الفساد الجديدة التي تلوكها الألسنة في تل أبيب. وكعادة الصهاينة، حاولوا الحصول على مكسب إضافي بترويج مزاعم للإيقاع بين القاهرة والدوحة.

لكن، بدا تجاهل البلدين لتلك المحاولات جليا في ترحيبهم بقرار حماس إطلاق سراح عيدان ألكسندر. عندما تضمن بيان الخارجية المصرية "ترحيب مصر وقطر" بالقرار.

وقال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية: "يعد إطلاق سراح الرهينة الأمريكي بادرة حسن نية وخطوة مشجعة لعودة الأطراف إلى طاولة المفاوضات لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين، وضمان تدفّق المساعدات بشكل من ودون عوائق لمعالجة الأوضاع المأساوية في القطاع".

وأضاف: "يؤكد الجانبان الحاجة الماسة لإنهاء الحرب على غزة، لتجنب المزيد من التداعيات الإنسانية، والمضي قدما بإرادة صادقة ونية حسنة نحو تحقيق السلام الشامل والعادل والمستدام في المنطقة".

وجاء في البيان: "تجدد مصر وقطر التأكيد على استمرار جهودهما المتسقة في ملف الوساطة بقطاع غزة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة، لتخفيف معاناة المدنيين، وتهيئة الظروف الملائمة لتهدئة شاملة، وصولا إلى إنهاء هذه الحرب والكارثة الإنسانية التي خلفتها".

بدورها، ثمّنت حماس في بيانها الجهود التي تبذلها كل من قطر ومصر وتركيا في الوساطة بين الأطراف.

أمّا ترامب، صاحب الهدية والزائر الطامع في الكثير، فقد وجّه الشكر للوسيطين رغم خلافه الواضح مع القاهرة، التي رفض زعيمها مخطط "ريفييرا غزة"، وأكد عدم تهجير الفلسطينيين إلى أي مكان خارج أرضهم. أيضا، شددت مصر بعدة طرق على رفض طموح ترامب بالمرور المجاني في ممرات قناة السويس.

الفكرة نفسها بدت واضحة في ذهن عدد من أفراد إدارته عبر تسريبات "سيجنال" الخاصة باليمن، والتي أشير فيها إلى رغبة طاقم ترامب في الحصول على ثمن من القاهرة -دون تحديد ماهيته- مقابل إنهاء الأمر مع جماعة الحوثي وإبعاد الضغوط عن الملاحة التجارية القادمة إلى قناة السويس.

وكتب ترامب على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال": "يسعدني أن أعلن عودة إيدان ألكسندر، المواطن الأمريكي المحتجز رهينة منذ أكتوبر 2023، إلى عائلته. وأتقدم بالشكر الجزيل لكل من ساهم في تحقيق هذا الخبر الجلل".

وأضاف: لقد كانت هذه خطوةً حسنةَ النية تجاه الولايات المتحدة وجهود الوسطاء -قطر ومصر- لإنهاء هذه الحرب الوحشية، وإعادة جميع الأسرى الأحياء ورفاتهم إلى ذويهم".

وتابع: "آمل أن تكون هذه أولى الخطوات الأخيرة اللازمة لإنهاء هذا الصراع الوحشي. أتطلع بشوقٍ إلى هذا اليوم الاحتفالي".

تم نسخ الرابط