الصيام المحدد بالوقت.. حل علمي واعد للحد من السمنة

في ظل تزايد معدلات السمنة عالميًا والبحث المستمر عن حلول فعالة ومستدامة، سلطت دراسة علمية حديثة الضوء على الصيام المحدد بوقت كأحد الأنظمة الغذائية الواعدة التي تساعد على القضاء على السمنة وفقدان الوزن والحفاظ عليه على المدى الطويل، دون الحاجة إلى حساب دقيق للسعرات الحرارية أو اتباع أنظمة غذائية صارمة.
نتائج مذهلة: خسارة وزن دون حرمان
كشفت الدراسة التي عُرضت في المؤتمر الأوروبي لـ “السمنة” في مالطا أن الأشخاص الذين حددوا فترة تناول الطعام في يومهم إلى نافذة زمنية لا تتجاوز 8 ساعات، تمكنوا من خسارة ما بين 3 إلى 4 كيلوجرامات خلال 3 أشهر، كما حافظوا على هذا الوزن المنخفض بعد مرور عام كامل من المتابعة.
واعتمد النظام على الامتناع عن تناول الطعام لمدة 16 ساعة يوميًا، فيما سُمح لهم بتناول وجباتهم خلال 8 ساعات فقط.
الدكتورة ألبا كاماتشو-كاردينوسا، الباحثة الرئيسية في الدراسة من جامعة غرناطة الإسبانية، أوضحت أن "الفوائد التي لاحظناها لا تتعلق بتوقيت أول وجبة أو آخر وجبة في اليوم، بل بفترة الامتناع عن الأكل التي تمنح الجسم فرصة لاستعادة توازنه الأيضي، وحرق الدهون بشكل أكثر كفاءة والقضاء على السمنة".

دراسة منشورة تؤكد التأثيرات طويلة المدى
وفي سياق مماثل، دعمت مجلة Nature Medicine نتائج الدراسة عبر بحث سابق تضمن تقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات اعتمدت أنظمة غذائية مختلفة، حيث تم تنظيم فترات تناول الطعام ما بين 8 و12 ساعة يوميًا، وتمت مراقبة وزن الجسم ومحيط الخصر والورك عند بداية التجربة، وبعد مرور 12 أسبوعًا، ثم بعد عام كامل.
النتائج كانت حاسمة: الذين التزموا بنظام الصيام المحدد حققوا انخفاضًا في الوزن وتقلصًا ملحوظًا في محيط الخصر والورك، بينما كانت النتائج أقل بكثير لدى من تناولوا الطعام خلال فترات أطول من اليوم.
الصيام المحدد مقابل الأنظمة التقليدية
بعكس الأنظمة الغذائية الشائعة التي تعتمد على تقليل السعرات الحرارية ومراقبة مكونات الطعام، يتميّز الصيام المحدد بسهولة تطبيقه وعدم الحاجة لحساب دقيق لكل وجبة.
ووفق الدراسة، فإن المشاركين الذين اتبعوا أنظمة غذائية تجاوزت فترات تناول الطعام فيها 12 ساعة يوميًا خسروا نحو 1.4 كجم فقط، مقارنة بمن التزموا بصيام 16 ساعة يوميًا وحققوا نتائج تتراوح بين 3 إلى 4 كجم، مع تحسنات صحية أكثر وضوحًا.
هذه النتائج تعكس أن الصيام المحدد قد يكون أكثر فاعلية في خسارة الوزن مقارنة بالأنظمة التقليدية، خصوصًا أنه يساعد الجسم على استخدام مخزون الدهون كمصدر للطاقة خلال ساعات الصيام، ما يسهم في تحسين مؤشرات السمنة دون التسبب في فقدان كتلة العضلات.
الفوائد الصحية تتعدى فقدان الوزن
لم يقتصر أثر الصيام المحدد على خسارة الوزن فقط، بل أظهرت دراسات أخرى أنه يسهم في تحسين مستويات السكر في الدم، تقليل الالتهابات، وتعزيز صحة القلب.
الصيام لفترات منتظمة يساعد في تحفيز عمليات إصلاح الخلايا، ويزيد من حساسية الجسم للأنسولين، مما يجعله أداة فعالة لمكافحة متلازمة الأيض ومرض السكري من النوع الثاني.
آراء الخبراء وتحديات مستقبلية
رغم النتائج الإيجابية، أكد الدكتور جوناتان رويز، منسق الدراسة، أن هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث على نطاق أوسع ولأمد أطول، لاختبار مدى فاعلية الصيام المحدد في فئات عمرية وصحية مختلفة.
كما شددت الدكتورة ماريا كوندورينيكولا، من جامعة كامبريدج، على أهمية دراسة التأثيرات الأيضية للصيام، ومدى تأثيره على المدى البعيد في الوقاية من أمراض مزمنة مثل أمراض القلب والسكري.
نهج بسيط بنتائج واعدة
تأتي هذه الدراسة في وقت يتزايد فيه الاهتمام بأساليب الحياة الصحية، وتقدّم خيارًا بسيطًا وغير مكلف للأشخاص الذين يسعون لفقدان الوزن دون التورط في خطط غذائية معقدة.
ورغم الحاجة لمزيد من الدراسات، فإن الصيام المحدد بوقت يثبت يومًا بعد يوم أنه ليس مجرد موضة غذائية، بل استراتيجية صحية ذات أساس علمي يمكن أن تغير مفاهيمنا عن فقدان الوزن والصحة الأيضية.