عاجل

طواف الوداع للحاج والمعتمر.. سنة نبوية أم فريضة شرعية؟

حكم طواف الوداع
حكم طواف الوداع

مع اقتراب موسم الحج من كل عام، تتزايد أسئلة الحجاج حول الأحكام المتعلقة بأداء المناسك، ومن أكثر الأمور التي تثير التساؤل هو حكم طواف الوداع، خاصة في حال عدم التمكن من أدائه لأسباب قهرية. ويُعد طواف الوداع من الشعائر الختامية في الحج التي يقوم بها الحاج قبل مغادرة مكة، لكن هل هو واجب يُفسد الحج تركه؟ أم سنة يُثاب فاعلها ولا يأثم تاركها؟

في هذا السياق، أجاب الشيخ إبراهيم عبد السلام، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال ظهوره في برنامج "فتاوى الناس"، عن سؤال مهم ورد إلى الدار، مفاده: هل طواف الوداع ركن من أركان الحج؟.

طواف الوداع.. سنة مستحبة لا تفسد الحج بتركها

أوضح أمين الفتوى أن طواف الوداع ليس من أركان الحج، ولا من واجباته، بل هو من السنن المستحبة التي يُفضل أن يحرص الحاج على أدائها إن تيسرت له الظروف. وأضاف أن الفقهاء قد قسّموا أعمال الحج إلى ثلاث فئات: أركان، وواجبات، وسنن، فالأركان هي ما لا يتم الحج إلا بها، كالوقوف بعرفة وطواف الإفاضة، والواجبات يُجبر تركها بالفدية، أما السنن فتركها لا يوجب فدية ولا يفسد النسك.

وقال عبد السلام: "طواف الوداع سنة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث ورد أنه كان آخر ما فعله في مكة هو الطواف بالبيت، لكن من تركه لعذرٍ شرعي كمرض أو حيض أو اضطرار للمغادرة السريعة، فلا إثم عليه، وحجه أو عمرته صحيحة بإذن الله".

آراء الفقهاء في حكم طواف الوداع

لفهم المسألة بشكل أشمل، نستعرض رأي المذاهب الأربعة في طواف الوداع:

  • الحنفية والشافعية: يرون أن طواف الوداع سنة وليس بواجب، ولا يترتب على تركه شيء.
  • المالكية: قالوا إنه مستحب فقط، وليس شرطًا لصحة الحج.
  • الحنابلة: ذهبوا إلى أن طواف الوداع واجب، ومن تركه بدون عذر فعليه دم (فدية).

وبالتالي، فإن جمهور العلماء يرون أن ترك طواف الوداع لا يُفسد الحج، ولا يُوجب فدية ما دام بعذر شرعي.

دار الإفتاء: لا فدية على من تركه لعذر

من جهتها، أكدت دار الإفتاء المصرية في أكثر من فتوى منشورة على موقعها الرسمي أن "طواف الوداع سنة مؤكدة يُستحب للحاج أن يؤديه قبل مغادرته مكة، ويكون بذلك ختامًا لرحلة الحج، ويُظهر وداعه لبيت الله الحرام"، مؤكدة أن "من فاته الطواف لعذر، فعبادته مقبولة ولا إثم عليه، ولا يُطلب منه ذبح فدية أو كفارة".

وفي فتوى مشابهة، نُشرت على موقع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية، ذُكر أن "المرأة الحائض التي لا تستطيع الانتظار حتى تطهر لأداء طواف الوداع، يُسقط عنها هذا الطواف ولا إثم عليها، وهو قول أكثر أهل العلم"، وذلك استنادًا لما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للحائض في ترك طواف الوداع.

متى يُؤدى طواف الوداع؟ وما هي شروطه؟

بحسب ما ورد في فتاوى دار الإفتاء وهيئة كبار العلماء، فإن طواف الوداع يكون بعد الانتهاء من كافة مناسك الحج، وقبل مغادرة مكة مباشرة، وهو بمثابة ختام لعبادة الحج، ولذلك يُسمى "طواف الوداع"،ويشترط فيه:

  • أن يُؤدى بعد طواف الإفاضة والسعي.
  • أن يكون قبل مغادرة مكة بوقت يسير.
  • لا يُشترط فيه طهارة كاملة، إلا عند الشافعية.

يُستحب أن يكون بدون رمل أو اضطباع، لأنه ليس طواف قدوم أو إفاضة.

من يُعفى من طواف الوداع؟

يُعفى من أداء طواف الوداع كل من:

  • النساء في فترة الحيض أو النفاس.
  • المرضى الذين لا يقدرون على الطواف.
  • من اضطُر للسفر الفوري مع الرفقة ولا يستطيع البقاء.
  • الأطفال الذين لم يبلغوا، ولا يُطلب منهم ذلك.

وفي جميع هذه الحالات، لا فدية ولا كفارة، ويُعد حجهم صحيحًا بإجماع العلماء.

الحكمة من طواف الوداع

طواف الوداع له دلالة روحية عظيمة، فهو تعبير عن حب الحاج لبيت الله، وتوديعه للمكان المقدس الذي قضى فيه أيامًا من أعظم العبادات.

كما يُجسد امتثال الحاج للسنة النبوية، واقتداءه بالنبي صلى الله عليه وسلم، الذي جعل آخر عهده في مكة الطواف بالبيت.

تم نسخ الرابط