هل ابن الزوج يؤخذ كمحرم في الحج؟ تعرفي على الحكم وشروطه بالتفصيل

مع اقتراب موسم الحج والعمرة، تتزايد التساؤلات الفقهية التي تهم النساء الراغبات في أداء مناسكهن، خاصة عندما لا يتوفر لهن قريب من النسب يمكن أن يكون محرمًا شرعيًا. ومن أبرز الأسئلة التي وردت إلى دار الإفتاء المصرية مؤخرًا: هل يجوز للمرأة السفر لأداء الحج أو العمرة بصحبة ابن زوجها؟ وهل يُعدّ محرمًا لها في الشريعة الإسلامية؟
دار الإفتاء المصرية أجابت على هذا السؤال في فتوى رسمية منشورة على موقعها الإلكتروني، موضحة الحكم الشرعي بالتفصيل، استنادًا إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية وأقوال الفقهاء من المذاهب الأربعة.
دار الإفتاء: ابن الزوج يُعدّ محرمًا شرعيًا لزوجة أبيه
أكدت دار الإفتاء أن ابن الزوج يُعدّ من المحارم لزوجة أبيه، ويجوز للمرأة شرعًا أن تسافر معه للحج أو العمرة أو غيرهما من الأسفار، سواء كان هذا الابن من زوجها الحالي أو من زوج سابق، طالما أن العلاقة الزوجية قد اكتملت ودخل الزوج بالزوجة.
واستدلت الفتوى بقول الله تعالى في سورة النساء: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ﴾ [النساء: 22]، مشيرة إلى أن هذه الآية الكريمة تُحرّم زواج الابن من زوجة والده، وبالتالي تُثبت المحرمية المؤبدة بين المرأة وزوج ابنها.
فقهاء الإسلام: زوجة الأب محرّمة على التأبيد
استنادًا إلى ما ذكره ابن قدامة في كتابه المغني (7/112)، فإن زوجة الأب محرّمة على الابن حرمة أبدية، سواء كان ذلك من النسب أو من الرضاع، وهو ما استقر عليه إجماع علماء المسلمين عبر العصور. وبالتالي، فإن الابن يُعدّ محرمًا لزوجة أبيه، ولا يجوز له الزواج منها بحال، مما يعني جواز السفر معها دون أدنى شبهة شرعية.
المحرم في السفر للنساء.. شرط من الشريعة الإسلامية
السفر بدون محرم يُعد من القضايا الفقهية الجدلية، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "لا تُسافر المرأة إلا مع ذي مَحرَم" (رواه البخاري ومسلم)، وهو ما جعل وجود المحرم شرطًا أساسيًا لسفر المرأة لمسافات طويلة، خاصة للحج أو العمرة، إلا في بعض الاستثناءات التي أجازها بعض الفقهاء المعاصرين في ظل وجود الأمان ووسائل النقل الحديثة.
لكن في كل الأحوال، وجود المحرم يظل هو الأصل، ولا خلاف في ذلك بين العلماء، لذلك يُعدّ ابن الزوج محرمًا شرعيًا يُحقق هذا الشرط.
من هم المحارم الذين يجوز السفر معهم؟
المحرم الشرعي هو كل رجل تحرم عليه المرأة حرمة أبدية، ويشمل ذلك:
- الأب والجد.
- الأخ الشقيق أو لأب أو لأم.
- العم والخال.
- الابن وابن الابن.
- ابن الزوج.
- الرضاع إذا توفرت الشروط الشرعية (كالأخ من الرضاع).
وينبغي أن يكون المحرم عاقلًا، بالغًا، مأمونًا، أي يُؤمن على المرأة في السفر، ويستطيع حمايتها ورعايتها أثناء الطريق.
هل تختلف الفتوى في حالة العمرة عن الحج؟
الفتوى في حالتي الحج والعمرة واحدة، فكلاهما سفر بعيد، ويتطلب وجود المحرم. ولا فرق بين الحج المفروض أو العمرة النفل، فالشرط الشرعي واحد، وقد أكدت دار الإفتاء أنه طالما وُجد المحرم الشرعي كالابن أو ابن الزوج، جاز للمرأة السفر معه لأداء المناسك دون مخالفة شرعية.
آراء المذاهب الأربعة في سفر المرأة بدون محرم
- الحنفية والمالكية والشافعية: يشترطون وجود المحرم للسفر للحج أو العمرة، خاصة إذا كان السفر طويلًا.
- الحنابلة: يرون أن الحج لا يصح للمرأة إلا مع محرم أو زوج، حتى وإن كان فرضًا عليها.
- الشافعية استثنوا الحالة التي تكون فيها المرأة مع رفقة مأمونة من النساء الثقات في الحج الفريضة.
لكن يبقى الرأي الراجح الذي أخذت به دار الإفتاء المصرية هو عدم جواز السفر بدون محرم إلا في حالات الضرورة القصوى ومع توافر الأمان الكامل.
موقف المجامع الفقهية والفتاوى الحديثة
في العصر الحديث، صدرت عدة فتاوى من المجامع الفقهية والهيئات الدينية مثل هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومجمع البحوث الإسلامية، ووزارة الأوقاف المصرية، كلها تؤكد على أن ابن الزوج من المحارم، ويجوز للمرأة أن تسافر معه، ما دام بلغ سن الرشد وكان مأمونًا في سفره معها.
متى لا يجوز السفر مع ابن الزوج؟
هناك بعض الشروط التي يجب تحققها ليكون السفر مع ابن الزوج جائزًا:
- أن يكون الابن قد بلغ سن البلوغ والرشد.
- أن يكون عاقلًا ومسؤولًا عن تأمين الرحلة.
- أن تكون المرأة قد دخل بها زوجها (أي الزواج مكتمل الأركان).
- ألا يكون هناك شبهة أو مخالفة عرفية تمنع السفر بهذا الشكل.
بحسب فتوى دار الإفتاء المصرية، فإن ابن الزوج محرم شرعي للمرأة ويجوز لها السفر معه للحج أو العمرة أو غيرهما من الأسفار، بشرط تحقق الضوابط الشرعية، وهذا ما عليه جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة، وما تؤكده كتب الفقه والفتاوى الرسمية المعاصرة.