عاجل

شبح الحرب النووية

«الهند – باكستان» العقيدة النووية للبلدين ومن سيطلق أول قذيفة؟!

العقيدة النووية للهند
العقيدة النووية للهند

مع اقتراب شبح الحرب النووية بين الهند وباكستان، وهما جارتين نوويتين تتصارعا منذ انتهاء الاحتلال البريطاني عام 1947، على إقليم كشمير، ينصب اهتمام العالم إلى ما يُعرف بـ «العقيدة النووية» لكل من البلدين. 

وبينما تتزايد وتيرة الصدام العسكري منذ حاد بهالجام الإرهابي، يتم طرح سيناريو تلك الحرب التي قد تودي بحياة الملايين من البشر في غضون ساعات، يطرح السؤال حول تلك العقيدة السياسية للبلدين للإجابة على عدد من الأسئلة على رأسها، من هي البلد التي ستبدأ إطلاق الأسلحة النوورية أولًا؟!

والسؤال الأبرز، من لديه السلطة في الهند أو باكستان لاتخاذ قرار إطلاق أول قذيفة نووية؟!

 

العقيدة النووية للهند 

بدأ اهتمام الهند بالطاقة النووية في مرحلة مبكرة من استقلالها، وتحديدًا خلال عهد أول رئيس وزراء لها، جواهر لال نهرو. غير أن الاستخدام السلمي للطاقة النووية لم يظل الهدف الوحيد للهند. واتجهت الهند تدريجيًا إلى توظيف قدراتها النووية في تعزيز مكانتها الاستراتيجية، خاصة في مواجهة التهديدات الإقليمية من جانب جارتيها الصين وباكستان.

<span style=
العقيدة النووية للهند 

وفي عام 2003، أعلنت نيودلهي أول عقيدة نووية رسمية لها، ولم تُجر عليها مراجعات رسمية حتى اليوم. 

وقد صاغ هذه العقيدة المحلل الاستراتيجي البارز ك. سوبرامانيام، الذي يعد من أبرز الشخصيات التي أثرت في الفكر النووي الهندي، وهو أيضًا والد وزير الخارجية الحالي للهند، س. جايشانكار.

وتمنح العقيدة النووية الهندية صلاحية اتخاذ قرار توجيه ضربة نووية إلى "رئيس الوزراء فقط" باعتباره رئيس المجلس السياسي لهيئة القيادة النووية. 

 

وتستند هذه العقيدة إلى أربعة مبادئ رئيسية تحدد موقف الهند النووي:

عدم البدء بالاستخدام (No First Use - NFU) : تلتزم الهند بموجب هذا المبدأ بعدم استخدام الأسلحة النووية أولاً، بل تلجأ إليها فقط ردًا على هجوم نووي يستهدف أراضيها أو قواتها العسكرية، حتى إذا كانت هذه القوات متمركزة خارج الأراضي الهندية. كما تتعهد الهند بعدم استخدام الأسلحة النووية ضد الدول التي لا تمتلك أسلحة نووية.

الردع الأدنى الموثوق (Credible Minimum Deterrence) : تركز العقيدة الهندية على امتلاك ترسانة نووية محدودة ولكن موثوقة تكفي لردع أي هجوم محتمل. والردع يشكل ضمانة للأمن القومي، وهو ما يفسر امتناع الهند عن التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي. 

الرد الشامل (Massive Retaliation) : تنص العقيدة على أن أي هجوم نووي تتعرض له الهند سيقابل برد شامل ومدمر، يهدف إلى إلحاق أضرار جسيمة بالبنية التحتية العسكرية للمعتدي، ويُظهر استعداد الهند للرد بقوة حاسمة لردع أي تفكير في استخدام السلاح النووي ضدها.

الاستثناءات المتعلقة بالأسلحة غير التقليدية: رغم التزامها بمبدأ "عدم البدء بالاستخدام"، تحتفظ الهند بحق استخدام الأسلحة النووية في حال تعرضها لهجوم بأسلحة بيولوجية أو كيميائية، سواء على أراضيها أو ضد قواتها في الخارج، ما يشكل استثناءً مهمًا في سياستها النووية.

العقيدة النووية للهند ">العقيدة النووية للهند 

العقدية النووية لدولة باكستان 

أما على الجانب الباكستاني، فتتسم السياسة النووية بالغموض الاستراتيجي المتعمد. فلم تُصدر باكستان عقيدة نووية رسمية، مما يمنحها هامشًا كبيرًا من المرونة في تحديد توقيت وأسلوب استخدام أسلحتها النووية. ويُعتبر هذا الغموض عنصرًا أساسيًا في استراتيجيتها للردع، خاصة في ظل التفوق التقليدي للهند في المجالات العسكرية والاقتصادية.

وقد حدد الفريق المتقاعد خالد أحمد كيدواي، الذي لعب دورًا بارزًا في رسم معالم السياسة النووية الباكستانية وكان مستشارًا لوكالة القيادة النووية، أربعة محفزات أو "خطوط حمراء" يمكن أن تدفع باكستان إلى استخدام السلاح النووي، وهي:

 

العتبة المكانية (Geographic Threshold) : أي خسارة لمساحات كبيرة من الأراضي الباكستانية نتيجة عدوان خارجي قد تستدعي استخدام الأسلحة النووية. ويرتبط هذا بشكل وثيق بالنزاع الإقليمي المزمن مع الهند، خصوصًا في كشمير.

العتبة العسكرية (Military Threshold) : إذا تم تدمير قدرات باكستان العسكرية، مثل قواتها الجوية أو البرية بشكل كبير، فقد ترى القيادة الباكستانية أن اللجوء إلى السلاح النووي ضروري لحماية البلاد.

العتبة الاقتصادية (Economic Threshold) : في حال أقدمت دولة معادية على اتخاذ إجراءات تُلحق ضررًا بالغًا بالاقتصاد الباكستاني أو تشل قدراته، قد يُنظر إلى ذلك على أنه مبرر لاستخدام السلاح النووي.

العتبة السياسية (Political Threshold) : أي أعمال تؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي أو إثارة فوضى داخلية واسعة النطاق يمكن أن تُعتبر تهديدًا وجوديًا يبرر الرد النووي.

ورغم تحديد هذه المحفزات، لم تُوضح باكستان بصورة دقيقة ما يُعد "كافيًا" من حيث الخسائر أو الأضرار لتفعيل أي منها، ما يُبقي غموضها النووي قائمًا كأداة لردع خصومها وإرباك حساباتهم.

تم نسخ الرابط